بعد أن نسي الأطفال في المملكة البساطة والابتسامة والفرحة بقدوم العيد بسبب التحضر والعولمة والانفتاح ورغد العيش، فأصبحوا منشغلين بالألعاب الالكترونية ووسائل الترفيه التقنية والتي غلب عليها ألعاب العنف و الأكشن والحركة، واصل سكان حي الغدير شمال مدينة الرياض إحياءهم لفعاليات (الحوامة) وهي عادة قديمة لأطفال القرية يجوبون من خلالها "شوارع" القرية لأخذ عيديتهم منشدين أهازيج وأناشيد شعبية. وقام أطفال حي الغدير ليلة أمس بالاجتماع والمرور على المنازل مرتدين ملابسهم التراثية، طارقين الأبواب طالبين عيديتهم على نهج أجدادهم وجداتهم منشدين (أبي عيدي عادة عليكم عسى الفقر ما يدخل عليكم). وأوضح الأستاذ صالح السيف منسق الفعالية، أن ما دعاهم لذلك هو إيمانهم بأهمية إحياء تلك العادة الشعبية التي تتيح التعارف والتواصل وتعيد العلاقات الاجتماعية التي تقطعت مجاريها، بسبب انشغال المجتمع وتباعد المسافات واللهو بوسائل التواصل الاجتماعي، كما أن الفعالية تسهم في إعادة مظاهر الفرح والبهجة التي صارت غائبة حتى في مواطنها الأساس. وأضاف: "هذه هي المرة الخامسة التي نقيم فيها "الحوامة" كأول حي في الرياض– على حد علمي – وكانت في بدايتها ضعيفة لكنها العامين الماضيين لقيت إقبالا كبيرا من أهل الحي الذين سعدوا بذلك وتفاعلوا بشكل رائع فلهم منا كل الشكر والتقدير ، وقد شاركنا هذا العام عدد من الشخصيات المشهورة على الساحة والفرق الكوميدية الطفولية رغبة منهم في إدخال السرور على الأطفال والمساهمة في إحياء الفعالية الجميل". وقالت الأستاذة أثير السيف وهي إحدى المشرفات على الفعالية: "إنه تم التنسيق من قبل الفريق المنظم مع سكان الحي الراغبين بالمشاركة في الفعالية عن طريق وسائل التواصل وتوزيع منشورات على المنازل وتم عمل اللازم لتخرج الفعالية بصورة متميزة حيث تم تأمين الشوارع، وتحديد المنازل المشاركة، كما وضعت خطة سير للمسيرة وتم إغلاق الشوارع حين مرورها، حرصا على سلامة المشاركين وأولياء أمورهم حيث إن العدد كبير جدا، ولا ننسى أن نشكر أم طارق الداوود على فكرتها الرائعة في إحياء هذه العادة الجميلة". وقال نجم الكيك عبدالعزيز العزام أحد المشاركين في الفعالية: "حرصت على المشاركة في الحوامة لأنها تذكرني بما كان يفعله أجدادي قديما، وكذلك لأنها جميلة جدا وأدخلت في نفسي السعادة والسرور". وأضاف ولي أمر أحد المشاركين: "نشكر القائمين على الفعالية فقد أعادت لنا البسمة وأحسسنا من خلالها بطعم العيد وعشنا أجواءه البسيطة التي عاشها آباؤنا قديما". تجدر الإشارة إلى أن فعالية (الحوامة) بدأت تعود بشكل كبير، حيث أقيمت الفعالية هذا العام في عدد من الأحياء بالرياض مقتدين بنهج إخوانهم في حي الغدير، ولاقت قبولا واسعا من أطياف المجتمع، بل ومطالبة بتطبيقها في جميع الأحياء لإعادة فرحة العيد التي غابت بسبب الملهيات والانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي في كل الأوقات فلم يعد لاجتماعات لأسرة ولا للمناسبات أي طعم، إذ غدا الفرد غائبا عما يدور في مجتمعه وأسرته وحيه، كما ساد في الفعالية تفاعل الأمهات والجدات وكذا الأطفال الذين لبسوا الزي التراثي وكذا الغزاوي الفلسطيني تضامناً مع ما يحدث لأطفال غزة من تنكيل وقتل من اليهود.