تحدثنا في مقال سابق بِعُنْوَان: "جلباب أبي أم عباءة أمي؟!" عن قدرة الإِنْسَان على التغيير، والتغلب على الموروثات السلبية التي يمكن أن تكون قد سكبت في أعماق نفسه. وليست هناك وصفة واحدة تناسب كل شخص يحتاج إلى تعديل سلوكه، ولكن ثمة إرشادات يحتاج إليها كل من أراد أن يسلك هذا السبيل، وهذه أبرزها: أولاً: صحة التشخيص "من صحت بدايته أشرقت نهايته".. هذه قاعدة أولية في مجال التغيير السلوكي، فإذا ما تَمَكَّنَتْ بداية من التحديد الجيد والصحيح لما تعانيه من سلوكيات فقد قطعت شوطاً كَبِيرَاً في العلاج، وعليك أن تبشر بنهاية مشرقة بإذن الله تعالى. المهم أن تكون صادقاً صريحاً مع نفسك، فتذكرها بجميع العادات السيئة التي تريد أن تتخلص منها.. الخجل.. الغضب.. سرعة الانفعال.. الخوف من الآخرين.. الانطواء.. عدم الثقة بالنفس.. الشعور الدائم بالفشل.. سجل بقلمك كل ما تشعر أنك تريد التخلص منه، دون مخادعة للنفس فتتغافل عن المساوئ، أو تزيد منها فتصاب بالإحباط في أول الطريق. ثَانِياً: الثقة في القدرة على التغيير الخطوة الثانية بعد التشخيص هي اليقين الراسخ بقدرتك على تغيير ما تريد من العادات والسلوكيات، فبناء الثقة بالنفس يعني طرد الضعف والعجز، ويمنحك القوة على مواصلة النجاح، والتغلب على عاداتك، ويقودك إلى المرتقى المنشود. وقد يحتاج الشخص في هذه الحالة إلى اكتساب الثقة في نفسه من خلال تشجيع الآخرين له، أو بتشجيعه هو لنفسه بترداد الكلمات الدافعة للنجاح مثل: لَدَي القدرة على فعل كل شَيْء أريده.. لَدَي طاقة عظيمة سأستغلها في تغيير ما أريد.. أشعر بقوة تدفعني لتغيير وجه حياتي.. وقد يحتاج كذلك إلى تذكير نفسه ببعض الصفات الحميدة التي تقوي لديه الرغبة في اكتساب المزيد منها، أو تذكر بعض نجاحاته التي تشعره بالثقة والمتعة في مواجهة التحديات. ثَالِثَاً: أشعل فتيل الإرادة وواجهة عاداتك السيئة بقوة الإرادة القوية وحدها قادرة على تخليصنا من أكبر العادات السيئة، وأكثرها تغلغلاً في أعماقنا، فهي القوة الخفية لدى الإنسان، التي يعرفها علماء التربية بأنها اشتياق النفس، وميلها الشديد إلى فعل شيء ما تجد أنها راغبة فيه ومدفوعة إليه. وهي كما يبدو من التعريف طاقة مركبة من الرغبة في التغيير، والحاجة إليه، والأمل في تحقيقه، وتؤتي ثمارها الطيبة متى كان الهدف أمامها واضحاً، حتى ولو كان في الطريق جبال من العقبات. ولا بُدَّ من ملاحظة الفرق الحاسم بين الثقة بالنفس والإرادة، فالأولى تتعلق فقط بالشعور بالقدرة، بينما الإرادة تزيد عليها بالتصميم على إنجاز المراد، وقطع الطمع عن التخاذل في إدراك المطلوب. ولحديثنا بقية..