في المدينةالمنورة أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الدكتور عبدالله بن سليمان البعيجان أن الإنسان لم يخلق عبثاً، ولم يترك سدى، فإنه مكلف وسيحاسب قال تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خَيْرَاً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره"، وقد أكرم الله عَزَّ وَجَلَّ الأمة بالإسلام وخصها بأفضل الرسل والكتب، وجعلها خير أمة، فلله الحمد وله الشكر والمنة. وقال في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد النبوي: لقد فضل الله عَزَّ وَجَلَّ بعض الأوقات، وبعض الأيام، وبعض الشهور على بعض، وهذا الفضل يقتضي لها حرمة وتقديراً، وقد يقتضي لها تخصيصاً ببعض العبادات، لكن ذلك كله مقيد بالشرع وبالاتباع دون الابتداع، وقد استقر في الشرع فضل وعظمة الأشهر الحرم على غيرها من الشهور إذ قال تعالى: (إن عِدَّة الشهور عند الله اثنا عشر شَهْرَاً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم)، وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أن رسول الله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب في حجة الوداع فقال في خطبته: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شَهْرَاً منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان"، وقد حُرِّمت هذه الأشهر الأربعة لأجل التمكن من الحج والعمرة. وأَضَافَ الشيخ البعيجان قَائِلاً: "نحن في ظل شهر رجب وهو من الأشهر الحرم التي نتعبد الله بحرمتها، ونعرف لها فضلها وشرفها، فعظموا ما عظم الله (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه)". وَأَكَّدَ أن أصل الدين وقاعدته شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومقتضى هاتين الشهادتين الإخلاص والمتابعة، فلا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصاً له مُوَافِقَاً لهدي نبيه صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يجوز لأحد أن يخصص عبادة بزمان أو مكان لم يخصصها الله ورسوله بها؛ لأننا متعبدون بشريعة الله لا بأهوائنا وعواطفنا، فالواجب علينا أن نقول سمعنا وأطعنا ونفعل ما أمرنا الله به. وأَوْضَحَ إمام وخطيب المسجد النبوي أن شهر رجب شهر مبارك؛ بوصفه من الأشهر الحرم، ولكن لا يعني ذلك أن يُخص بعبادة لم يأذن بها الشرع، فلا يُخص بصلاة مخصوصة، ولا بإحياء ليلة معينة فيه، أو الاحتفال بها، فهو كغيره من الأشهر الحرم، وكل الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة لا يُبنى عليها حكم شرعي، دَاعِيَاً إلى التمسك بالسُّنَّة، واجتناب البدع، والتناصح والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.