بدا عضو مجلس الشورى الدكتور موافق الرويلي في حواره مع "الوطن"، قلقا على المجتمع السعودي من حملة الشهادات الوهمية، ولافتا إلى أن "كثيرين من أصحابها دخلوا من الباب الخلفي للقطاع الحكومي"، ولم يستثن مجلس الشورى من ذلك. وهذا الأمر دعاه أخيرا إلى تبني نظام للحد من تلك الشهادات، التي يعتقد أن السبب وراءها يكمن في البحث عن المكانة الاجتماعية العالية، دون تعب أو عناء الدراسة. ونبه الرويلي إلى أن "الوهميين منتشرون بشكل مخيف" في القطاعين الأهلي والخيري، كون العمل فيهما لا يتطلب معادلة الشهادات. وحول اعتراض زملائه في المجلس حول ملاءمة مقترحه للدراسة قال: هم يعتقدون أنه لا داعي أصلا لوجود نظام من هذا النوع، ويرون أن هناك أنظمة كافية من شأنها أن تحمي المجتمع من انتشار هذا الظاهرة، وأضاف متسائلا: هنا أقول أين تلك الأنظمة، فلو كانت موجودة ومفعلة لما تفشت لدينا الظاهرة أصلا؟ لم يخفِ عضو مجلس الشورى الدكتور موافق الرويلي قلقه من حملة الشهادات الوهمية في المجتمع السعودي، الأمر الذي دعاه إلى تبني نظام للحد من تلك الشهادات حتى في مجلس الشورى الذي يعمل به عضواً منذ عام 1430. ويعتقد الرويلي الذي أطلقت عليه عدة ألقاب في المجلس كمحارب الشهادات الوهمية أو مراقب الشهادات المزورة، أن السبب وراء البحث عن حرف "د" دون تعب أو عناء الدراسة، هو رفع المكانة الاجتماعية. وبدا الرويلي في حوراه مع "الوطن" غير راض بمؤهلات حملة الشهادات غير المعترف بها، موضحاً أن الهدف من النظام الذي قدمه للمجلس- ويستهدف الباحثين عن الشهادات بالمال وليس بالدراسة الفعلية – حماية المجتمع ومؤسساته من جميع أشكال حملة الشهادات "الكرتونية" وأصنافها. وأكد الرويلي، أن كثيراً من أصحاب الشهادات الوهمية دخلو من الباب الخلفي للقطاع الحكومي، كاشفاً عن أن من دخل أروقة مجلس الشورى من حاملي هذه الشهادات كان دخولهم من الأبواب الخلفية. وإلى نص الحوار: الشهادات الوهمية • قدمت مؤخراً لمجلس الشورى مشروع نظام اسميته «نظام الحماية من الشهادات الوهمية»، ما الدوافع وراء تقديم ذلك المشروع؟ - دعني أولاً أقول إن الشهادة الوهمية هي تلك الشهادة التي صدرت من جامعة وهمية، ولا تعترف بمعادلتها الجهة السيادية في المملكة صاحبة حق الاعتراف، وهي وزارة التعليم العالي. أما الداعي لتقديم مشروع النظام هو غياب المستند النظامي الذي يعتمد عليه في حماية الوطن والمواطن من خطر الشهادات الوهمية. وتتمثل حماية الوطن في بعدين: أولهما، حماية الوطن من مصادر الخطر المتمثل في الجامعات الوهمية التي لا هم لها إلا كسب المال بغطاء أكاديمي. وثانيهما، حماية مؤسسات الوطن من المخاطر التي تحدث عندما تشغل وتدار تلك المؤسسات بأصحاب شهادات لا ترقى مؤهلاتهم الأكاديمية إلى المستوى المتعارف عليه محلياً أو عالمياً. أما حماية المواطن فلها أشكال كثيرة، نذكر منها، حماية مال المواطن من سلب الجامعات الوهمية له مقابل حصوله على شهادة "كرتونية" ليس لها «قيمة مضافة»، وحماية المواطن من استغلال حملة ذلك النوع من الشهادات له، سواء مادياً أو معنوياً، وحماية المواطن في سوق العمل الذي يساوي في الفرص الوظيفية بين الحاصل على شهادة من جامعة معترف بها، سواء كانت جامعة محلية أو عالمية، وبين حامل شهادة من جامعة وهمية. • هل لكثرة انتشار حرف "د" من قبل بعض أصحاب المناصب سبباً في ذلك؟ - لا علاقة بين دواعي تقديم المشروع وتولي حملة الشهادات الأكاديمية العليا "الحقيقية" مناصباً في القطاع العام والأهلي والخيري. فتعيينات المؤهلين أكاديمياً ومهنياً في مناصب قيادية ربما يكون هو المطلوب. والنظام المقترح يحمي المجتمع ومؤسساته من جميع أشكال حملة الشهادات "الكرتونية" وأصنافهم، بغض النظر عن أدوراهم في مؤسسات المجتمع، سواء كانو قياديين أو عاملين. الباب الخلفي • بدت أصوات معارضة من داخل المجلس خلال مناقشة ملاءمة المقترح للدراسة، ما سبب معارضة أولئك؟ - جميع الزملاء الأعضاء الذين تداخلو ضد توصية لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي بملاءمة الدراسة يرون أنه لا داعي أصلاً لوجود نظام من هذا النوع، ويعتقد أغلبهم أن هناك أنظمة كافية من شأنها أن تحمي المجتمع من انتشار الظاهرة وتفشيها في المجتمع. وهنا أقول أين تلك الأنظمة، فلو كانت موجودة ومفعلة لما تفشت لدينا الظاهرة أصلا. وعلى كل حال إبداء الرأي حق مشروع يضمنه النظام، ومعارضاتهم للمشروع أعدها وجهات نظر احترمها وأقدرها. • هل هناك نسبة محددة لغزو تلك الشهادات للمصالح والمؤسسات الحكومية وجدتها خلال تتبعك للشهادات في المجتمع؟ - يمنع نظام الخدمة المدنية المصالح والأجهزة الحكومية من توظيف أصحاب الشهادات الوهمية بوظائف القطاع العام، لأن التعيين يتطلب اعتراف وزارة التعليم العالي بالشهادة قبل التوظيف. لكن هذا لا يعني أنه لا يعمل بهذه الأجهزة حملة شهادات وهمية، وهؤلاء غالباً حصلوا عليها أثناء الخدمة. ولكن للأسف كثيرٌ من أصحاب الشهادات الوهمية دخلوا من الباب الخلفي للقطاع الحكومي وذلك من خلال تقديم الدورات التدريبية والاستشارات. أما في القطاع الأهلي والخيري، والذي لا يتطلب العمل به معادلة الشهادات، فالوهميون منتشرون به بشكل مخيف. وهنا مكمن الخطر الحقيقي. • هل لأصحاب الشهادات الوهمية نصيب داخل أروقة مجلس الشورى؟ - دخل أصحاب الشهادات الوهمية جميع المجالات والمصالح والأعمال في المملكة، فنجدهم في الإعلام والصحافة والتدريس والتدريب والمحاماة والبنوك والشركات والمؤسسات والهيئات الحكومية والجامعات الأهلية والجمعيات الخيرية والاستشارات التعليمية والنفسية والاجتماعية. ولم يسلم من هذا "الوباء" إلا من رحم ربي. ولا شك أن مجلس الشورى ليس محصناً، وكل ما أعرفه أن جميع من دخل أروقة المجلس من حاملي الشهادات الوهمية كان دخوله من الأبواب الخلفية، أو حصل على تلك الشهادة أثناء العمل بالمجلس. نظام رادع للحماية • ما الحل في نظرك للحد من انتشار الشهادات الوهمية في المجتمع؟ - الحل هو نظام رادع للحماية من الشهادات الوهمية. وهذا ما تقدمت به في مشروعي لمجلس الشورى. والذي أتمنى أن يرى النور. ومن خلال هذا النظام الذي يجرم كل من يتعامل مع "الشهادة الوهمية" سواء كان حاملاً لها ومشغلاً له أو مشرفاً عليه أو مسوقاً لها، وبذلك نستطيع حماية الفرد والمجتمع. • أحدهم يذكر أن جامعة كمبرج البريطانية فتحت أبوابها له لدراسة الماجستير فيما أغلقت إحدى الجامعات السعودية الباب في وجهه لأن تقديره "مقبول" في مرحلة البكالوريوس. ما تعليقك؟ - ليتني أعرف تلك الجامعة التي أغلقت الباب في وجه ذلك "المجهول" لأشكر أعضاء التدريس والمسؤولين فيها فرداً فرداً على ذلك القرار. كما تعلم يا أخي، إن التعليم ما بعد الجامعي، وأقصد الدراسات العليا، ليس مسألة رغبة للأفراد ولا ترفاً اجتماعياً بل هو مبني على حاجة الوظائف الاجتماعية في المجتمع. فالتأهيل العالي عادة يطلب للعمل بمراكز البحوث والجامعات والكليات. والعمل بهذه الوظائف يتطلب قدرات عالية تتبلور من خلال التعليم الجامعي، مرحلة البكالوريوس، وتشحذ وتطور في الدراسات العليا، الماجستير والدكتوراة. لهذا يجب أن لا يدخلها إلا من لدية الاستعداد والقدرة الكافية. ومن حصل على درجة "مقبول" في مرحلة البكالوريوس لا أظن أن لدية القدرة والاستعداد للبحث العلمي الذي هو أساس الدراسات العليا. أما أن جامعة كامبرج البريطانية المعروفة فتحت بابها لصاحبكم، فلا أظن ذلك حقيقة لأن متطلبات الدراسات العليا بها تطلب "توصيات" أكاديمية تشير إلى مهارته وقدرته على البحث والتقصي. وإذا كان ذلك صحيحاً فهي بلا شك مصيبة كبرى. أتمنى لمقترحاتي "النور" •عملت قبل تعيينك في مجلس الشورى بمؤسسة التأمينات الاجتماعية. كيف كنت تنظر لانتقادات مجلس الشورى لها في ذلك الوقت؟ - لم آت للمجلس من مؤسسة التأمينات الاجتماعية، بل جئت للمجلس من بنك الرياض. وعلى كل حال، كان عملي في مؤسسة التأمينات الاجتماعية عملاً استشارياً، فكنت معاراً من جامعة الملك سعود مستشاراً للتدريب والإبتعثات، ولم أكن في موقع إداري يجعلني أهتم كثيراً بهذا بجانب انتقادات المجلس للمؤسسة. ولكن الآن "عيني" على صندوق التأمينات وكيف يحمى من استغلال حملة الشهادات الوهمية له دون وجه حق. • هل اختلف عليك العمل في مجلس الشورى عن أعمالك السابقة؟ - هذا سؤال صعب، ولكن إجابتي عليه هي "لا"، فلا اختلافات تذكر في المضمون وإن كان الشكل مختلفاً. فجميع "الأعمال" التي قمت بها هي أعمال ووظائف تحتاج مني إلى إدراك ووعي دقيق لما أقوم به من مهام ووظائف، ويُتَطلب لأدائها جهد استثنائي. فعندما كنت عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود، كان اهتمامي منصباً على كيفية أن أكون أستاذاً متميزاً، وذلك من خلال التدريس الفعال والبحث والإشراف الاكاديمي. وعندما كنت أعمل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية كان اهتمامي منصباً على جودة ونوعية تدريب الموظفين وحسن اختيار المرشحين للابتعاث واختيار التخصصات التي تحتاجها المؤسسة، وأفضل الجامعات التي يدرس فيها المبتعثون، إضافة إلى متابعة دراستهم متابعة لصيقة. وعندما كنت في بنك الرياض، فطبيعة عملي كمدير للتدريب والتعيينات كانت تملي علي السعى جاهداً إلى الوقوف على الحاجات التدريبية للبنك كمؤسسة، واحتياجات الموظفين للتدريب النوعي وتعيين الكفاءات المناسبة التي تساهم في تحقيق أهداف البنك. وفي مجلس الشورى أحاول الآن جاداً وجاهداً أن أؤدي دوري بشكل إيجابي فعال في أعمال المجلس ولجانه المختلفة، إضافة إلى ذلك فإني راض جداً عما قدمته من مقترحات نظامية من خلال المادة "23" والتي بذلت فيها جهداً كبيراً توج بقبولها الواسع داخل المجلس وخارجة. وأخيرا أتمنى أن ترى مقترحاتي "النظامية" النور قريباً لأنها بلا شك تصب في الصالح العام. وكما تعلم أن خدمة الصالح العام هي كل ما أطمع به وأطمح إليه. مستوى التعليم لدينا • كونك قدمت دراسات وبحوثا في مجال المنهج المدرسي، ما رأيك في التعليم لدينا؟ - دعني أقول إن مؤسستنا التعليمة بكافة مستوياتها ومراحلها، لا يمكن فصلها عن المؤسسات الاجتماعية الأخرى. فهي جزء من البنية الاجتماعية العامة، التي تتأثر بها وتؤثر عليها. فاذا أردنا أن نعرف مستوى التعليم لدينا، كخدمة مقدمة إلى شريحة اجتماعية معينة، فعلينا أن ننظر إلى مستوى الخدمات الأخرى ِالتي تقدم لشرائح المجتمع كالخدمات الصحية والأمن والضمان الاجتماعي مثلاً، وهنا نستطيع أن نحكم عليه. وإذا نظرنا إلى التعليم كمنتج يجب علينا النظر إليه ونقارنه بمؤسساتنا الإنتاجية كالصناعة والزراعة، فأين نتائج مصانعنا ومزارعنا رغم ما تتمع به من "رعاية" حكومية استثنائية. وعلى كل هناك فرق بين التعليم والتطبيع، وأغلب ما لدينا هو تطبيع وليس تعليماً. ولن يرقى تعليمنا إلى المستوى المنشود إلا أن يصبح دور مؤسستنا التعليمة تنمية الإدراك والنمو المعرفي والفكري. سيرة ذاتية • موافق بن فواز بن حلاف الرويلي من مواليد الجوف 1371. • الدكتوراه: مناهج التعليم الثانوي، كلية الدراسات العليا – جامعة أيوا، الولاياتالمتحدةالأمريكية 1/ 8 /1986. •عضو مجلس الشورى 1430 • نائب رئيس أول – مدير التعيينات والتدريب – بنك الرياض، 11 /6 /2005. • مستشار التدريب "غير متفرغ" المعهد المصرفي مؤسسة النقد العربي السعودي 1417. • عضو لجنة الدراسات العليا بالمعهد المصرفي – مؤسسة النقد العربي السعودي، 1418 . • المشرف على الابتعاث والتدريب، المؤسسة العامة للتامينات الاجتماعية، 2003-2005. • مستشار الابتعاث والتدريب "غير متفرغ"، المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، 2002-2003. • أستاذ مشارك: المناهج وطرق التدريس، كلية التربية، جامعة الملك سعود، الرياض، 10 /9 /1413. • مستشار التدريب "غير متفرغ"، مؤسسة أنظمة نجوم الخليج، 1994-1996، •أستاذ مساعد: المناهج وطرق التدريس، كلية التربية، جامعة الملك سعود، الرياض، 27 /11 /1406. •معيد علمي: المناهج وطرق التدريس، كلية التربية، جامعة الملك سعود، الرياض، 27 /7/ 1398. •مساعد رسام خرائط: المساحة الجوية، وزارة البترول والثروة المعدنية، 23 /7 /1390.