هي صلة رحم ممتدة للوالدين في خلية الأسرة التي تعج بصلة الرحم إيماناً وعملاً، فقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الله تعالى ((أرْسَلَه بصِلة الأرْحَام، وكسْرِ الأوْثان، وأن يُوَحَّدَ اللهُ لا يُشْرَك به شيءٌ)؛ رواه مسلم، والإخوة والأخوات من أقرب القرابات، وهم أولى الناس بالصلة بعد الآباء والأُمهات، ولا يحجبُهم في الميراث إلا الآباء والأبناء. الأخت تنظر لإخوانها أنهم سندها وظهرها الذي لا ينكسر لو حاول أحد التعدي عليها ولو بكلمة. إن الزوج لمّا يجد للزوجة أخوة أقوياء في الحق وفي حماية أختهم يكون جباناً كالفأر لا يجسر على ظلمها، وهم حتى لو أخطأت يقوّمونها من غير ذُل لها أمام زوجها. والأصل أن الأخت تحب أخاها وتعتز به وتعيش معه حياته فرحاً وترحاً وتسعد بحكايتها عن زيارته لها وهداياه أمام زوجها وأهله، وحتى أولادها يفرحون بخالهم كما يفرحون بأعمامهم كيف لا؟ وقد حواهما صلبٌ واحد ورحم واحد. هذا جابر رضي الله عنه ماذا فعل مع أخواته؟ وكيف تنازل عن حق له لأجلهن؟ لَما استُشهِدَ أبوه في "أُحد" وخلفهنَّ، وكنَّ ستَّ أخوات، فتزوَّج جابر – رضي الله عنه – امرأة تقوم عليهنَّ، وضحَّى برغبته لأجلهنَّ، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((تَزَوَّجْتَ؟)) قلتُ: نعم، قال: ((بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟))، قلتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قال: ((أفلا جارية تُلاعِبُها وتُلاعِبك))، قلتُ: إن لي أَخَوَاتٍ فأحببْتُ أنْ أتزوَّجَ امْرأةً تَجْمَعهنَّ وتمشطهنَّ، وتقومُ عليهنَّ) ،وفي رواية: "إنَّ لي أخوات، فخَشِيتُ أن تدخلَ بَيْنِي وبينهن"؛ رواه الشيخان، وأقره النبي – صلى الله عليه وسلم – على ما فعَلَ لأجْل أَخَواته. وإعالة الأخ لأخواته كإعالته لبناته في الثواب واستحقاقِ الجنة؛ كما في حديث أبي سعيد – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله: ((لا يكون لأحدٍ ثلاثُ بنات، أو ثلاث أَخوات، أو ابنتان أو أختان، فيتقي الله فيهن ويُحسن إليهنَّ، إلا دخَلَ الجنة))، وصِلة الأخت بالمال والهدية أَوْلَى من الصدَقة على غيرها، والدليل: لما استشارت ميمونة – رضي الله عنها – رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في جارية تريد عِتْقَها، قال لها: ((أَعْطِيها أُخْتَكِ، وَصِلِي بها رَحِمَكِ، ترعى عليها؛ فإنه خَيْرٌ لَكِ))؛ رواه مالك مُرسلاً. ومن إحسان الأخ لأخته أن يبذل جهده لرأب كل صدع يحدث بينها وبين زوجته فالغيرة قد تشتعل فطرة أو لمواقف يشعلها الشيطان أو يغفل عنها الزوج وتكون مؤثرة. وعليه إن أخذ زوجته لنزهة ورحلة أن يأخذ أخواته غير المتزوجات بمفردهن ليكون الجميع في راحة خاصة إن كن عاملات ولن يكلفنه شيئاً، ويجب على الأخوات بالمقابل ألا يكلفن إخوانهن ما لا يطيقون. وإن حدث طلاق بينها وبين زوجها وأراد إعادتها بعد اعترافه بخطئه وعاد يريدها وهي تريده، سواء انتهت عدتها أو لم تنته فلا يقف عثرةً في سبيل رغبتها؛ لِمَا روى مَعْقِلُ بن يَسار – رضي الله عنه – أن آية ﴿ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ﴾ [البقرة: 232] نزلتْ فيه، قال: "زَوَّجْتُ أُخْتًا لي من رجلٍ فطلَّقَها، حتى إذا انقَضَتْ عِدتُها جاء يَخْطُبُها، فقلتُ له: زوَّجْتك وفرشتك وأكرمتُك، فطلَّقتَها، ثم جئتَ تخطبها! لا والله، لا تعود إليك أبدًا، وكان رجلاً لا بأسَ به، وكانتِ المرأة تريد أن ترجعَ إليه، فأنزَلَ الله هذه الآية: ﴿ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ﴾، فقلتُ: الآن أفعلُ يا رسول الله، فزوَّجها إيَّاه"؛ رواه البخاري. وهناك من يفرق بين أولاد إخوانه وأولاد أخواته بحجة من يحمل اسم العائلة وهذا يؤثر كثيراً في نفوس الأخوات .فهذا النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قد عدَّ ابن الأخت من القوم؛ فقد دعا الأنصار في شأنٍ خاص فقال: ((هل فيكمْ أحدٌ من غيركم؟)) قالوا: لا، إلا ابن أُخْتٍ لنا، فقال: ((ابن أُخْتِ القومِ منهم))؛ رواه الشيخان. وتأكيداً على حقوق الأخت على أخيها؛ شرع الإسلامُ نصيباً لها في ميراث أخيها المتوفى إن لم يكن له ولد يرثه .قال تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (النساء: 176). لكننا نلاحظ أن مؤتمرات ومؤامرات المرأة التي تسعى لقتل العلاقات الأسرية وقتل المرأة على وجه الخصوص لم يذكروا في قوانينهم الجائرة أي كلمة عن الأخت؛ لأن الأسرة غير موجودة في نظامهم الإبليسي، فالحياة عندهم تقوم على العقيدة المزدكية الإباحية وعلى شيوعية جنسية وعلى فوضى أخلاقية، فإن كانت الزوجة والزوج مصطلحان شائكان بينهما صراع فكيف ببقية العلاقات الأسرية؟ إنها أختك أيها الأخ فكن لها صدراً حنوناً وبلسماً مداوياً وناصحاً وموجهاً إن وقعت في منكر، وأنتِ أيتها الأخت أعيني أخاك على برك وحسن صلتك، فأنتما صنوان للحب والبر لوالديكما ولأولادكما ولأرحامكما. كتبته: د.حياة بنت سعيد باأخضر أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى. 12 / 5 / 1438ه