قبل الحديث عن خطة لمواجهة محاولة الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب حصار أهل السنة عقدياً وجغرافياً؛ حريٌّ بنا أن نتعرف على الأسباب التي دعت هؤلاء إلى السعي في هذا التوجه التأمري. وأول هذه الأسباب يكمن في رغبة الغرب في إجهاض أي توجه يقود الشعوب هناك لرؤية الإسلام بوجهه الحقيقي كما أنزله الله، والخوف من أسلمة القارة الأوروبية، وهو الأمر الذي لم يعد خافياً على أحد حتى نطقت به أفواه الغرب أكثر من مرة. فالمذهب الشيعي مثله مثل بقية الفرق الضالة المنتسبة للسلام، ليس فيه من المغريات ما يقود المواطن الأمريكي أو الغربي للتطلع إلى اعتناق الإسلام، على خلاف مذهب أهل السنة الذي هو دين رب العالمين، الخالي من البدع والخرفات والإضافات واللوثات البشرية. ومن ثم جدّ الغرب وسعى جاهداً لتكوين رأي عام مُعادٍ للإسلام السني، من خلال إظهاره إعلامياً على أنه أنموذج للرجعية والتخلف، وأن دعاته همجيون لا يؤمنون بحرية الرأي والمعتقد، ويسعون للقضاء على الآخرين من غير المؤمنين به وهم كافة الفرق الضالة، وأصحاب المعتقدات الأخرى. والسبب الثاني يكمن في الخشية من ركائز النهضة الإسلامية التي يمكن أن تنطلق من البلدان العربية السنية التي تشكل الغالبية العظمى للمسلمين، بخلاف اتباع المذهب الشيعي الذي لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة للغاية، لا تمثل أمة، ولا تشكل في كل الأحوال تهديداً للمصالح الغربية. فالغرب يدرك جيداً أن نهضة هذه الأمة لن تكون إلا بالتمسك بمرجعيتها الدينية وهويتها السنية، ومن ثم فهو يخشى من يقظة العملاق مرة أخرى، وهو ما قد يقوِّض أحلامه في سيادة الكون، وخاصةً مع التآكل الحادث في حضارته المادية التي أشقتْ الإنسانية؛ والتي باتت متطلعة للمنقذ من هذا الضلال والشقاء المزخرف بمادية طاغية استعبدت الإنسان الغربي وأنهكت قواه الروحية. وبإدراك الغرب لتلك الحقيقة راح يقابلها بمحاولة القضاء على مرتكزات اليقظة التي تعرفها أمتنا والمتمثلة في ثوابت أهل السنة؛ خشية القادم الذي يزيله عن كرسي الريادة ويضعه حيث مكانه الصحيح. ومن هنا ندرك رغبة الغرب في إحراج الإسلام السني وإخراجه من بين المقدسات، وجعله في منزلة متدنية عن بقية الشرائع، في محاولة لتهميش أتباعه وجعلهم خارج السياق التاريخي والحضاري كغيرهم من أصحاب المعتقدات المنكفئة على نفسها. والأمة السنية حين يتبدى لها هذا التآمرُ الأشِر والمكر الكبار لابد وأن تبادر إلى وضع استراتيجية مواجهة مكتملة الأركان تحفظ لها كينونتها الجغرافية وعقيدتها السنية، وهو ما سنتناوله في مقال مقبل بإذن الله تعالى.