تطورت وازدادت في الآونة الأخيرة وسائل تهريب المخدرات إلى المملكة، حتى أن المتابعات الأمنية الأخيرة خلال الشهرين الماضيين كشفت عن أساليب دقيقة في تهريب هذه السموم المدمرة للشباب. متابعات وتحريات ولعل ما يعزز من ضرورة التنبه لهذا الخطر، البيانات التي أصدرتها وزارة الداخلية، حيث تمكنت خلال ثلاثة أشهر فقط (شوال، ذو القعدة ، وذو الحجة) من العام 1434ه، القبض على (875) متهماً لتورطهم في تهريب وترويج المخدرات وضبط ما في حوزتهم منها، وخلال أشهر (محرم, صفر, ربيع الأول, ربيع الآخر) من العام الجاري 1435ه نجحت في القبض على (849) متهماً منهم (278) سعودياً بالإضافة إلى (571) متهماً من (31) جنسية مختلفة لتورطهم في جرائم تهريب ونقل واستقبال وترويج مخدرات تقدر قيمتها السوقية بأكثر من 2 مليار ريال. أساليب حديثة للتهريب ومن الأساليب التي لجأ إليها المهربون في الآونة الأخيرة لتهريب المخدرات، طرق جديدة وحديثة لإدخال ملايين الأقراص المخدرة وأطنان الحشيش، بيد أن التخطيط الأمني والمراقبة الحثيثة كانت لها بالمرصاد. وكان أحدث أساليب تهريب المخدرات ما أعلن عنه رجال المديرية العامة لمكافحة المخدرات من ضبط 80 ألف قرص "كبتاجون" مخدر مخبأة في تجويف "كراسي حلاقة" مستوردة، وهي الوسيلة التي تعتبر من الوسائل الجديدة التي تم اكتشافها. وسيلة أخرى لجأ إليها المهربون وهي استخدام المواد الغذائية بطرق فنية محكمة لتهريب نصف مليون حبة مخدرة كانت معدة لتدخل إلى المملكة، وذلك عن طريق مجموعة من الأشخاص يحملون جنسيات عربية، قاموا باستئجار أحد المحال التجارية لغايات تخزين المواد الغذائية وتعليبها وبيعها في البلاد. التهريب في الأسلاك الشائكة ومن أكثر الأساليب تطورا والتي كانت تستهدف إدخال ملايين الحبوب المخدرة إلى المملكة، ما كشفت عنه وزارة الداخلية بأن المهربين لجأوا إلى إخفاء الأقراص المخدرة داخل لفات من الأسلاك الشائكة والبلاستيك أثناء تهريبها إلى البلاد من البحرين، إلا أن الجهات الأمنية بالتنسيق مع مملكة البحرين تمكنت من رصد وإحباط عملية التهريب. وقال المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، إن التحقيقات الجارية في هذه الجريمة كشفت عن ارتباط المتهمين بشبكة تهريب دولية تنشط في تهريب أقراص (الإمفيتامين) إلى المملكة ويتزعمها أشخاص سوريو الجنسية يتنقلون بين عدد من الدول بالشرق الأوسط. في الوقت الذي تمكن رجال الجمارك بمنفذ الحديثة من إحباط تهريب كمية من الحبوب المخدرة بلغ عددها 368 ألف حبة كبتاجون، كانت مخبأة داخل مقاعد وديكور السيارة الخلفي. كما شملت أساليب التهريب في أغلب الأحيان الاعتماد على النساء بشكل لافت، مع ما يعتمد عليه المهرب من احترام النساء ونظرة المجتمع وقوات الأمن لهن بشكل يتناسب مع الشرع، إلا أن أغلب هذه المحاولات تبوء بالفشل أيضا، وكان آخرها إلقاء القوات الأمنية وفرق مكافحة المخدرات بالتعاون مع الجمارك في الأردن القبض على مواطنة حاولت تهريب 20 ألف حبة مخدرة كبتاجون للمملكة مخبأة بطرق مختلفة عبر منفذ العمري الحدودي مع الأردن المحاذي لمنفذ الحديثة البري. تهريب في الطماطم وأمعاء الأغنام وأحبط أيضا رجال الجمارك ب"حالة عمار" تهريب أكثر من 99 ألف حبة مخدرة، حاول أحد المهربين إخفاءها داخل مواد غذائية منوعة وحافظة طعام، كما أحبط رجال الجمارك بمطار الأمير نايف بن عبد العزيز محاولة أحد المهربين من جنسية عربية تهريب 44 ألف حبة مخدرة مخبأة بطريقة مصنعية داخل أكياس القهوة. ونشرت المديرية العامة لمكافحة المخدرات عدة صور توضح الوسائل الحديثة التي يتبعها المجرمون في تهريب المخدرات وخاصة أقراص الكبتاجون، ومن بينها التهريب في أمعاء الأغنام، وداخل ثمار يوسفي، والطماطم، وورق الخس، وحبات الفول السوداني، وعلب كريمات البشرة، والفلاتر وأجزاء السيارات، وترامس المياه، حتى أن إسطوانات الغاز لم تسلم من حيلهم لدرجة أنهم قاموا في بعض المحاولات بفتح إسطوانة الغاز لإخفاء حبوب المخدرات. يقظة أمنية من جانبه، قال مدير عام جمرك الحديثة المكلف إبراهيم بن كاسب العنزي، إنه بالرغم من تنوع أساليب التهريب وسعي المهربين لإيجاد طرق حديثة لتمرير الممنوعات إلى المملكة، إلا أن ذلك يقابله مهنية ويقظة رجال الجمارك في كشف مثل هذه الأساليب. نصائح للشباب وفي سياق متصل، أكد عبدالإله الشريف مساعد مدير عام مكافحة المخدرات وخبير دولي بالأمم المتحدة، أن الدراما والبرامج الإعلامية المدبلجة أو العربية التي تعطي صورة إيجابية لمتعاطي المخدرات، ساهمت في زيادة ظاهرة الإدمان بين الشباب. وقال الشريف: "إن ضعف الوازع الديني يعد من أهم أسباب تعاطي المخدرات، وكذلك التربية الأسرية من قسوة أو دلال، بالإضافة إلى "نكت المحششين" التي ساهمت في تهوين تعاطي المخدرات". وكشف "الشريف" عن أهم علامات تعاطي المخدرات لدى المراهقين وهي "السرقة، والكذب، والسهر خارج المنزل، وكثرة المكالمات السرية، وكثرة الثرثرة والكلام غير المترابط". وأكد "الشريف" أن 90% من حبوب الكبتاجون المخدرة تحتوي على مواد كيميائية مثل الرصاص وغيرها تؤدي إلى تدمير المخ خلال 3 شهور، مبيناً أن المملكة تحتاج إلى مزيد من المستشفيات العلاجية، وكذلك مراكز التأهيل النفسي والاجتماعي.