الحادثة الواحدة التي تمر على الأمم يمكن قراءتها من جوانب مختلفة، ومن زوايا متعددة، تمكنها من الاستفادة القصوى من تلك الحوادث، ومن ثم مراجعة منهجيتها ومنظومة عملها في شتى جنبات الحياة. من تلك الحوادث، الحصاد المخيب للآمال في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 بالبرازيل، ليس فقط للسعودية، بل للعرب جميعهم، مقارنة بما حصل عليه الغرب، وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية. فما حصل عليه العرب، كل العرب، في تلك الأولمبياد، لا يكاد يقارن بما حصلت عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية بمفردها! والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا نجحوا وحصدوا الذهب، وفشلنا فشلا ذريعاً وحصدنا الفشل؟! قد تجد إجابة عند الخبراء الرياضيين على هذا السؤال، من ناحية قلة التدريب، وندرة الاحتكاك، وغير ذلك من مبررات وأسباب الفشل. ولكننا نرى أن هذا السؤال، من الزاوية الاجتماعية والحضارية، فرع من أصل، فهكذا في كافة مناحي الحياة تقريباً، نجد تفوقاً غربياً، وتكاسلاً وتراجعاً عربياً. ولا يوجد في كتبنا ما يجعل من الفشل لازماً للعرب، ولا النجاح قرين الغرب، وإنما هو من صنع أيدينا، ونتيجة حتمية لطريقة التفكير والأداء والعمل، التي جعلت النجاح هناك مستمراً، والفشل لنا موطناً. إن مكونات الحضارة، كما ذكرها المفكر الجزائري مالك بن نبي، تتمثل في الإنسان والوقت والتراب، وهي كما في الغرب، تجدها عند العرب، ولكن الفارق في استغلالها كي تؤدي دورها في دورة الحضارة. فأنت تجد في الغرب الإنسان له قيمة كبرى، لا تعادلها قيمة، والوقت له قدسية وقيمة كبرى، والتراب متاح للجميع كي يعمل وينتج. وعند العرب، ثلاثية الحضارة مهدرة عن بكرة أبيها، فلا الإنسان محل العناية والاهتمام، ولا الوقت ذو قيمة، والتراب مهدر بصورة تدعو للعجب وتثير علامات الاستفهام. إن منظومة الحياة في الغرب تُهيئ الأجواء لمعادلة الحضارة أن تؤتي أكلها كل حين، وفي كل جوانب الحياة: رياضة واقتصاد وعلم واختراعات،. .. ، ومن ثم يكون النجاح، والفوز بالفوز. في حين أن منظومة حياتنا نحن العرب تهيئ الأجواء لإهدار كافة مكونات معادلة الحضارة، ومن ثم يكون الفوز بالفشل.