لم يدُر في خلد تجار المواشي سواء من المربين أو المضاربين في سوق المواشي، علاوة على المستهلكين، أن أسعار المواشي ستعود في فترة وجيزة للأسعار القديمة التي كانت عليها منذ سنين طويلة، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ليعود ويخفف لهيب ارتفاع الأسعار التي طالما اشتكى منها المستهلك وانكوى بنيرانها. أسباب انخفاض الأسعار كان لانخفاض الأسعار مسببات عدة، بخلاف ما يدعيه كبار تجار المواشي في المملكة، بأن استيراد المواشي هو السبب الأوحد لتراجع الأسعار إلى مستويات قياسية، في حين أنَّ هناك أموراً واقعية ومفصلية تغافل عنها كبار التجار أدت لتهاوي الأسعار بشكل كبير. فانخفاض أسعار الأعلاف لما يقارب 40% بالمقارنة مع أسعارها قبيل 3 – 4 أشهر، وكذلك الدعم الحكومي للشعير وثبات سعره، شجَّع على اتجاه الكثيرين لتربية المواشي، وكذلك انخفاض الطلب على المواشي المحلية بشكل خاص، والمستوردة بشكل عام، ويعود ذلك لضعف القدرة الشرائية التي حلت بالمواطنين، خاصة بعد الاستنزاف الذي عصف بهم، وذلك مروراً بمصاريف شهر رمضان، ويليه تكاليف عيد الفطر، بالإضافة إلى أعباء السفر وقضاء الإجازة في مواقع مختلفة داخلياً وخارجياً، كل ذلك حجَّم القدرة الشرائية بشكل واضح. ولا نستطيع أيضاً أن نغفل حجم العرض المتوافر من المواشي المحلية بأعداد ضخمة، ولا ننسى كذلك أن أسعار المواشي كانت مرتفعة سابقاً بشكل غير طبيعي، بينما انخفاض الأسعار يعتبر أمراً طبيعياً، وقد يكون الاستيراد قد زاد الفجوة ما بين العرض والطلب في السوق، لكنه لم يكن بمفرده سبباً رئيسياً. الأسعار الجديدة وبحسب سوق الأغنام في جدة، فقد بلغ قيمة الأغنام المحلية "الحرّي" هذه الأيام بحسب العمر والوزن من 500 إلى 1000 ريال، و"التيوس" ما يقارب 550 إلى 900 ريال، بينما تتراوح أسعار الأغنام المستوردة "الصومالية" من 450 إلى 550 ريالاً، و"السواكني" تبدأ أسعارها من 250 إلى 500 ريال، و"السواكني المحلي" تتراوح أسعاره من 600 إلى 900 ريال، وتيوس "البربري" من 350 إلى 450 ريالاً. الأسعار قابلة للهبوط أكثر وأكد تجار مواشٍ محليون أنَّ الأسعار مهيأة للهبوط أكثر لولا وقوف باعة مقيمين لتثبيت الأسعار بعرضها للمستهلكين بأسعار عالية؛ مستغلين جهل البعض بما حلّ بأسعار المواشي مؤخراً، وأيضاً لعجلة البعض للشراء، خصوصاً لمناسبات الزواج التي تنشط عادة في مثل هذا الشهر، بالإضافة لتلاعب التجار المقيمين بأسعار الأعلاف، حيث إنهم يسيطرون على تجارة الأعلاف بشكل كبير، ومن المعروف والبديهي ارتباط أسعار المواشي بالأعلاف. المستفيدون من هبوط الأسعار ومهما كانت مسببات الهبوط فهي ليست ذات أهمية للمستهلكين الذين تنفسوا الصعداء بعودة الأسعار لمتناول الكثيرين منهم، متمنين استمرار الهبوط واستقراره، مطالبين بتشديد الرقابة على التجار المقيمين الذين يستولون على جزء كبير من السوق، وما زال أغلبهم متشبثاً بالأسعار القديمة، وكذلك التشديد على المطاعم والمطابخ لتخفيض أسعار اللحوم وذبح المواشي؛ لتتوازى مع قيمة المذبوح التي ما زالت تُباع بأسعار عالية وقديمة. موقف تجار المواشي الكبار وقد أصاب كبار تجار المواشي الجنون بسبب هبوط الأسعار التي وصلت في وقت سابق لأرقام ضخمة أفضت إلى حرمان الأُسر ذات الدخل المحدود والمتدني من الشراء، حتى أضاحي عيد الأضحى؛ فهبوط الأسعار لا يعني خسائر فادحة كما تصوُّره ردة فعلهم، بل لانخفاض الأرباح التي كانوا يجنونها من المستهلكين، ومن المتوقع حدوث إحجام كبير عن البيع في حال لم تثنِ مطالب كبار تجار المواشي وزارة البيئة والمياه والزراعة، بوقف أو خفض الاستيراد من الخارج؛ مما قد يعيد الأسعار، ولو بشكل نسبي، للصعود، بحكم دخول موسم الحج الذي دائماً ما تنشط فيه تجارة المواشي.