دعت المملكة مجلس حقوق الإنسان إلى القيام بتقييم ومراجعة دور وفاعلية المجلس في التصدي للانتهاكات المروعة ضد حقوق الإنسان خاصة في مناطق الصراعات والأزمات، مشددة على أهمية دور المجلس في حماية وتعزيز حقوق الإنسان. ونبهت إلى أن تصاعد الانتهاكات الخطيرة والجسيمة التي تهدد حياة الشعوب، يجب أن تمثل أولوية ملحة للمجلس في المرحلة المقبلة. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها معالي رئيس حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان أثناء افتتاح أعمال الدورة الخامسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف اليوم، وقال إن التقارير الدولية الصادرة عن الوضع في سوريا تظهر بوضوح أننا أمام جرائم ضد الإنسانية لا تقل سوءاً عما سبقها من جرائم خلفتها الحروب والصراعات المدمرة التي وثقها التاريخ. ولفت الانتباه إلى أن العالم في العام الماضي كان يتحدث عن ما يقارب من (ستين ألف قتيل) في سوريا، "أما اليوم وبعد مرور ثلاثة أعوام من بدء الثورة السورية، فعدد القتلى يزيد عن (مئة وأربعين ألف) سوري، وتشريد ما يزيد عن (مليونين ونصف) لاجئ في الخارج، و(سبعة) ملايين نازح في الداخل، وتعذيب (أحد عشر ألفا) من المعتقلين في سجون النظام. وكل ذلك بسبب تعنت النظام الدموي في سوريا، واستمراره في تقتيل الشعب السوري الشقيق بأشد الأسلحة فتكاً، لا سيما الأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، وإلقاء البراميل المتفجرة على السكان المدنيين بما فيهم الأطفال وكبار السن حتى أصبحنا أمام مشهدٍ مروِّع تجلت فيه كل انتهاكات حقوق الإنسان التي عرفتها البشرية. وأكد أن حكومة المملكة تجدد مطالبتها بالتنفيذ الفوري والعاجل لقرارات مجلس الأمن وقرارات مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة، وإحالة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في سوريا إلى العدالة الدولية، وسحب جميع المقاتلين الأجانب من سوريا. وحمّل العيبان المجتمع الدولي المسؤولية الجماعية إزاء التدهور السريع والخطير للوضع الإنساني في سوريا، مشيراً إلى أنه يقع على عاتقه اتخاذ "التدابير اللازمة" لضمان إدخال المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان، وتقديم كل ما من شأنه رفع معاناة الشعب السوري. وأفاد أنه استمراراً لما تبذله حكومة المملكة من جهود بهدف إنهاء معاناة الشعب السوري الشقيق وتضامناً معه، فقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بإقامة يوم للتضامن مع الأطفال السوريين، يهدف إلى تسليط الضوء على معاناتهم وتقديم العون والمساندة لتغطية حاجات مئات الآلاف من الأطفال السوريين الذين يعيشون في ظروف مأساوية صعبة. وأضاف العيبان إن الأحداث الجسمية التي استجدت في مناطق مختلفة من العالم ينبغي أن لا تنسينا قضية الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت وطأة الاحتلال منذ أكثر من ستة عقود، وما يتعرض له من أبشع صور انتهاكات حقوق الإنسان بسبب عدم تحقيق أي نتائج ملموسة في عملية السلام واستمرار إسرائيل في فرض سياسة الأمر الواقع، وخاصة من خلال مواصلة الاستيطان، والاعتقالات التعسفية، وحرمان الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج من أبسط حقوقهم الأساسية وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، مما يحتم علينا التذكير دائماً بتاريخ وواقع هذه الكارثة الإنسانية، والعمل الجاد لتنفيذ المقررات الدولية وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة، مطالباً بالتزام دولة الكيان الصهيوني – بوصفها سلطة احتلال – تمكين المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة من الدخول إلى تلك الأراضي التي تقع في مناط ولايته القُطْرية. وبشأن ما تشهده المملكة من إصلاحات بقيادة خادم الحرمين الشريفين أشار إلى أن المملكة حرصت على إرساء نظام عدالة منصف وفعَّال، يرتكز على أسس راسخة مستمدة من الشريعة الإسلامية، إيماناً منها بأن إعمال مبدأ سيادة القانون ضروري لصون الأمن والسلم وتحقيق التنمية المستدامة وحقوق الإنسان. وبين أن صدور أنظمة جديدة للإجراءات الجزائية، والمرافعات الشرعية، والمرافعات أمام ديوان المظالم يعد خطوة من خطوات مسيرة تطوير النظام العدلي في المملكة، بما يعزز ويحمي حقوق الإنسان.