من أنجح أنواع التجارة الاستهلاكية النظامية في العالم وأكثرها ضررا على المستهلك (تجارة التبغ)، فهي على الرغم من معرفة المستهلك بضررها وكتابة التحذير على كل علبة السجائر "إن التدخين سبب رئيسي لأمراض السرطان وأمراض القلب"، ومحاربة وزارات الصحة في العالم لهذه العادة السيئة، وكذلك جهود الجمعيات العلمية ونشراتها الدورية؛ إلا أنها مازالت موجودة وتنتشر بين الشباب والكهول في جميع دول العالم. وعلى الرغم من التضييق على شركات التبغ بشكاوى التعويض ومنع التدخين في الأماكن الحكومية والمطارات ومحاربة الأديان جميعها لهذه العادة المضرة إلا أنها ما زالت تقاوم، وما زال تجار التبغ يجنون الكثير من الأرباح! وأعتقد أن من أهم وسائل صمودهم أمام هذه الحملة الشرسة هو قدرتهم على التسويق بوسائل جديدة وطرق مختلفة، فمثلا التبغ ينتج على أشكال مختلفة منها السجائر والسيجار ومنها ما يستخدم في النرجيلة أو ما يسمى "المعسل" ومنه الجراك الذي يستخدم في الشيشة، ومنها ما يمضغ في الفم ومنها ما يكون على شكل لصقات أو حبوب. ثم تطور الموضوع إلى درجات مختلفة من النيكوتين في كل خط من خطوط الإنتاج هذه! ثم تغير الوضع إلى إضافة نكهات مختلفة من مواد استهلاكية صحية مثل الفواكه والخوخ والمشمش والرمان والعنب والتفاح والنعناع لتلبي رغبات الأذواق المختلفة، ثم تطور الوضع إلى ظهور السيجارة الإلكترونية التي من الممكن تدخينها بتوصيلها بمصدر للكهرباء سواء في البيت أو العمل أو السيارة أو الجوال أو الكمبيوتر! ولم تقف قدرتهم على التسويق على ذلك بل بإنتاج سجائر إلكترونية خالية من النيكوتين ويروجون أنها تساعد على الإقلاع عن التدخين على الرغم من تحفظ الهيئات العلمية ووكالة الغذاء والدواء الأمريكية على تلك المزاعم… ثم أتت آخر صيحة في التسويق والإنتاج وهي تدخين الأعشاب الخالي من النيكوتين نهائيا!! ولذلك ظهر حديثا المعسل بالأعشاب الخالي من النيكوتين بنكهات الأعشاب المختلفة يداعبون به رغبات المترددين في التدخين أو من انقطعوا عنه فترة من الزمن أو المتوقفين عنه بسبب النيكوتين!! والحقيقة العلمية التي نود أن نوضحها للقارئ الكريم أن معسل الأعشاب يحتوي على مواد ضارة ناتجة عن احتراق معادن ثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ والكروميوم والنيكل وباقي المواد السامة مثل أول أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين والقطران وكذلك الكربونات الأروماتية الحلقية، وهي مواد كيميائية مسرطنة مماثلة تماما لما ينتج عند احتراق السيجارة، بل في بعض الدراسات أكثر تركيزا منها. كما أن بعض هذه المعسلات العشبية يحتوي على كميات من غاز أول أكسيد الكربون أكثر من المسموح به دوليا في الكازيونات التي تقدم خدمة المعسل أو النرجيلة، ولذلك فهي ليست صحية كما يدعي مروجوها وليست خالية من الأضرار ويجب أن تحارب مثل محاربة السجائر من المنظمات الدولية والعلمية وتوضح تلك الحقيقة لعامة الناس قبل الوقوع في مصيدة تجارة التبغ بمنتجاتها المختلفة. والخلاصة: إنّ معسل الأعشاب غير صحي ويحتوي على مواد كيميائية ضارة ومسرطنة، كما أوضحنا أعلاه، وثبت بالدراسات الطبية المحكمة، ويجب أن يوضح ذلك للجميع قبل الوقوع في شراك هذه العادة باهظة الثمن ماديا وصحيا.