المتأمل لواقعنا اليوم في ظل الانفتاح على الثقافات العالمية والتحديات المعاصرة، يجد بأن مجتمعنا يمور بالعديد من الإشكاليات والانحرافات الفكرية والأخلاقية والسلوكية، وقد كان لوسائل الاتصال الحديثة -من القنوات الفضائية، وشبكات الإنترنت، وما تحويه من مواقع التواصل الاجتماعي-المساهمة الفعالة في سهولة الوصول إلى ذلك. ويعتبر الانحراف الفكري من أخطر هذه الانحرافات على الشباب والمجتمع، حيث يتمثل هذا الانحراف لدى الشباب في الشعور بالنقص وعدم الرضا بأحكام الشريعة الإسلامية، والتمرد على ثوابت الدين الإسلامي من جهة، وظهور حالة التشدد والغلو في تنزيل الأحكام الشريعة الإسلامية من جهة أخرى. وهذا الانحراف تكمن خطورة في كونه قائم على فكرة مركزية معينة في مسألة (الحرية الفكرية) مخالفة لأصول الدين الإسلامي وانحرافها عنه باتجاه التطرف في التشدد أو التفريط. وظهور هذا الانحراف لدى الشباب يرجع إلى عدة أسباب أولها: ضعف البناء العقدي والشرعي الصحيح لدى الشباب، وثانيها: الانفتاح غير الواعي على مصادر فكرية ومعرفية جديدة، أما ثالثها: فهو تقصير العلماء والدعاة والمفكرين في بيان أحكام الشريعة الإسلامية وعظمة الدين الإسلامي وإنصافه. لذلك يجب التعاون الجاد بين كل المؤسسات الدينية الاجتماعية والتربوية وكذلك وسائل الاتصال المختلفة للعمل على وضع برامج وحملات ميدانية لتقوية وتعزيز الجانب العقدي لدى الشباب وتوعية بالأخطار والتحديات التي تواجه الأمة والمجتمع الإسلامي، وبيان دور الشباب الكبير في بناء المجتمع وتقدمه، كذلك العمل على إعداد البحوث العلمية الموضوعية الموثقة لمعرفة أسباب هذا الانحراف ومظاهرها، وتطرح العديد من الحلول العلمية والاقتراحات الناجعة لتصدي لهذا الانحراف.