حذر عدد من الخبراء والمختصين في العلوم الشرعية من ترك الشباب وإهمالهم فريسة للانحراف السلوكي والأخلاقي والعقدي والتيارات المتشددة التي تكفر المجتمع وتخرج عن ولاة الأمر، وطالبوا بضرورة وضع إستراتيجيه عاجلة وشاملة لاحتوى الشباب وتحصينهم. محملين العلماء وطلبة العلم مهمة مناقشة الشباب والالتقاء بهم والاستماع إلى وجهات نظرهم وتقويم آرائهم.. جاء ذلك من خلال حديثهم عن أسباب انحراف الشباب فكرياً وعقدياً وسلوكياً. الانحراف الجافي في البداية يقول الدكتور عبد الرحيم بن محمد المغذّوي أستاذ الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أن الشباب هو لبنة الأمة ومستقبلها المشرق بإذن الله تعالى، فإذا ما أحسنت تربية الشباب وتعليمهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة فستكون الثمرات يانعة بإذن الله، وأما إذا كانت الأخرى من إهمال الشباب أو عدم العناية بهم وتلبية مطالبهم واحتياجاتهم وترشيد فكرهم فسوف تكون الثمرة بغير ما يتوقع المجتمع. والانحراف سيئ بنوعيه: الجافي والغالي. فالانحراف الجافي هو الذي يتنكر للدين ويشكك في صلاحية الإسلام، ويبتغي غير سبيل المؤمنين، ويتبع الأفكار والاتجاهات الوافدة من الشرق أو الغرب، دون مقدرة على التدقيق والتمحيص وأخذ المفيد وترك الفاسد. أما الاتجاه الغالي، فهو المسلك الذي يقوم على التشدد والغلو في بعض الأمور والمسائل الدينية، كقضايا الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطاعة أولي الأمر، ومسائل الإرجاء والخروج والتصوف وغيرها من المسائل التي تعد انحرافاً خطيراً عن المنهج القويم في الدعوة إلى الله. والمطلوب من الشاب المسلم (التوسط) في أمور الدين، وترك الانحراف والتنازع والتشرذم، وسلوك الطرق المعوجة، قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}، وقال سبحانه {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}. وقال صلى الله عليه وسلم (يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار). وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقال صلى الله عليه وسلم: (فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضّوا عليها بالنواجذ)، وقال الطحاوي في عقيدته: (ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفُرقة زيغاً وعذاباً). والحقيقة أن المتتبع والراصد لانحرافات الشباب يجد أن لها أسباباً عديدة، منها ما هو خاصٌ بالشاب، وشخصيته واستعداده للانحراف، ومنها ما هو خاصٌ بتربيته في منزله، ومنها ما هو خاصٌ بتعليمه وتثقيفه وتوعيته وإرشاده وتوجيهه، ومنها ما هو خاصٌ بمشكلات المجتمع الداخلية، ومنها ما هو متعلق بالمشكلات الخارجية. الروح والجسد ويبين الشيخ عواد بن سبتي العنزي مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالحدود الشمالية إن أسباب الانحراف لدى الشباب بشقيه سواء الانحراف الفكري والغلو في الدين أو الانحراف السلوكي والبعد عن الدين كل ذلك من المناهي الواضحة في الشرعية التي جاءت بالموازنة بين متطلبات الروح والجسد {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، وقد رسم النبي صلى الله عليه وسلم لأمته منهج الوسطية والاعتدال وحذرهم من الغلو والتطرف ونهاهم عن تضييع حظهم من الآخرة، وأن السلامة في العيش في ظل هذا المنهج الصحيح الذي يحقق به الإنسان السعادة والراحة والحياة الطيبة. ولهذا الانحراف في جانب الغلو والميل نحو العنف في جانب التعامل مع الآخرين أو الغلو في تصور المسائل والحكم على الأشخاص والمجتمعات أسباب كثيرة منها: 1- الجهل وضعف العلم لأن الجاهل عدو نفسه وكم من شاب أخذته الجهالة إلى مخالفة الشريعة وتعدي السنة الثابتة ولو حصن نفسه بالعلم الشرعي لرفع الجهل عن نفسه وعمل صالحا ونفع غيره ولم يقع في الجهالة المنهي عنها شرعا وعقلا ولذلك على الشاب أن يتحصن بالعلم ويأخذه من مصادره الأصلية ويربي نفسه على محبة العلم والتأدب بآدابه فقد قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} وكلما توجه الشاب للعلم وتحصيله نفعه الله بذلك وأنار له طريقه وثبته على الحق والهدى. 2- الهوى وهو من الأسباب الخطيرة التي تسير كثيرا من الشباب وقد حذر الله تعالى من الهوى في كتابه الكريم {فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى} {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} وهذا فيه بيان أن من اتبع الهوى ضل لأنه يكون بمنزله الإله عنده الذي يتبعه صاحبه في كل شيء فلا يسير وفق نص بل وفق الهوى الذي يميل به عن الحق والشاب الموفق هو الذي لا يتبع الهوى إن خالف الحق بل يكون هواه تبعا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. 3- ضعف الإيمان وهو من المسائل التي قد تدفع لسلوك العنف فإن البعض يرى من نفسه ذنوبا وكبائر وضعفا في إيمانه ورقة في دينه فيحاول جاهدا أن ينظم للعنف لجبر هذا الخلل في البحث عن المكفرات للذنوب فيكون هذا الفهم دافعا لسلوك الغلو والتشدد المذموم والوقوع في معصية أخرى قد تكون أعظم من سابقتها. 4- البعد عن العلماء الراسخين الذين يربون الشباب بصغار العلم قبل كباره والأخذ عن الأصاغر والتجافي عن العلماء الربانيين ووصفهم بالأوصاف النابية لأنهم يريدون من العلماء الراسخين تصورا مثلهم للمسائل وعجلة في إصدار الإحكام دون تروي وعلم. 5- إتباع المتشابه وهذا ديدن غالب الشباب الذين تلبسوا بالعنف يتركون المحكم ويتبعون المتشابه وهو المنهج الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لعائشة رضي الله عنها بعد أن قرأ قوله تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ} فقال أولئك الذين سمى الله فاحذروهم. 6- الإعجاب بالرأي وهو بلاء مبين وداء دفين لاسيما وقت الفتن والمحن وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إذا رأيت هوى متبعا وشحا مطاعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك». لأن الإعجاب بالرأي يقود للغلو والتعصب المذموم ويصرف الإنسان عن الحق لاسيما إذا صدر من حدثاء الأسنان الذين لا رأي تام لهم بل هم محل النقص والخلل. 7- القدوات الغالية التي اتخذت الغلو في الدين منهجا عن الحياة هي من أسباب الانحراف عند الشباب فكم من شاب جعل أولئك الغلاة قدوة له في حياته ولو رجع إلى النصوص الشرعية لوجد الذم للغلو وأهله والأمر بالاقتصاد ولزوم السنة المحمدية. معالجات مدروسة ويؤكد الشيخ عواد العنزي أن هناك أسباباً كثيرة للتفريط والانحراف في جانب تضييع الدين ومنها..الجهل، وضعف الخوف من الله تعالى، وإتباع الشهوات، والإغراق في المباحات والتوسع فيها، وضعف التدين وبناء النفس إيمانيا. وهذا الأمر يتوجب معالجة مدروسة لأنه جناية على الدين أولا وكلا طرفي الأمور ذميم والخير في التوسط والاعتدال في الأمور كلها وهذه المعالجة تحتاج إلى دراسات ميدانية دقيقة تحد الداء لتصف الدواء على أن تقوم هذه الدراسة وفق معايير دقيقة تبنى عليها خطط طويلة المدى لتحقيق هدف الاعتدال والتوسط لدى الشباب بحيث يحدد كل سبب من أسباب الانحراف والطرق المؤدية إليه وآلية علاجه ومن يقوم بذلك على أن يراعى في العلاج الرحمة بالشباب والرفق واللين لأن القصد هو استصلاح الشباب ليكونوا صالحين في أنفسهم مصلحين لغيرهم عوامل بنا ء لا هدم في المجتمع ولن يتأتى ذلك إلا بتضافر الجهود على المستوى الحكومي والعسكري والمدني والقطاع الخاص والجهات الخيرية التطوعية كل في مجاله حتى نخرج بدراسة تتبناها جميع القطاعات التي يتعامل معها الشباب لتحقيق هذا الهدف مع التأكيد على أن المسؤولية عظيمة تجاه هؤلاء الشباب في رعايتهم ومحاولة هدايتهم وإبعادهم عن مواطن الغلو والتطرف أو التضييع والتفريط وعلى المؤسسات الشرعية والعلماء وطلبة العلم إدراك حجم المشكلة التي يعاني منها هؤلاء الشباب لأنهم يباشرون التوجيه لهم والشباب يقبلون منهم النصح والتوجيه ولا يزال في قلوب الشباب محبة للعلم وأهله فعليهم أن يستثمروا هذه البذرة في غرس الفضائل والحث على البعد عن الرذائل والتأكيد على الأصول الشرعية في وجوب حفظ الضروريات الخمس والحرص على الجماعة ووحدة الصف ولزوم منهج أهل السنة في البيعة الشرعية لولي الأمر والسمع والطاعة بالمعروف ولزوم العلماء الراسخين والبعد عن مواطن الشبه ومواقع الفتن وبهذا نأخذ بالشباب إلى بر الأمان بإذن الله تعالى ونمنعهم عن الغلو والتفريط. الأفكار والمعتقدات ويوضح د.عبد الرحمن بن عبد الله العضياني الداعية ورئيس لجنة مقابلة الدعاة بدول آسيا تحول بعض الشباب إلى الانحراف بمعناه العام سواء كان سلوكيا يتمثل في العنف في بعض صورة، أو فكريا يتعلق بالأفكار والمعتقدات، له أسباب ابتدائية ودواع ذاتية يمكن أن أجملها في نقطتين: أولا: إهمال التربية والتنشئة من قبل الأسرة بصفة كاملة أو عدم العناية بها عناية تقاوم قوة المؤثرات وأسباب الانحراف. وسواء كان هذا الإهمال وعدم العناية لغياب الرؤية السليمة للأسرة أو لانشغالها عن التربية، أو لرؤية تراها الأسرة وهي في الأصل منحرفة فتنشأ عليها الناشئة. ثانيا: قد تكون هناك عناية كاملة من قبل الأسرة وجهود تقاوم جل الأسباب والمؤثرات لكن يظل الشاب منحرفا لكونه يفضل طريق الغواية على طريق الرشاد، ويظل على هذا الحال حتى يصاب بمؤثر قوي يصرفه عن انحرافه ويعرج به إلى سبيل الاستقامة إن أراد الله به خيرا. فمثلا قد لا يهم الأسرة أن ينشأ أولادها نشأة معتدلة السلوك والتصور، بل يكفيها أن تعتني به من حيث المطعم والمشرب والملبس والمركب والمسكن فينشأ الشاب لا هم له غير هذه الأمور وليس لديه أدنى وقاية عن أضعف الصوارف السلوكية والفكرية، أو ربما يكون للأسرة عناية بتنشئته لكن هذه العناية ضعيفة لا تقاوم ما يعرضها من الأسباب والدواعي الصارفة فهو في هذه الحال يعتدل تارة وينحرف أخرى وهو إلى أدناهما بحسب قوة الوقاية والمؤثرات وضعفهما، وربما تكون الأسرة - التي يرجى أن تكون فاعلة في بناء الناشئة - منحرفة أصلا، فينشأ الناشئ متأثرا بانحراف أسرته، ويتربى عليه سلوكيا وفكريا. ومن جانب آخر قد تبذل الأسرة طاقتها وغاية جهدها في التوجيه لكن الولد يظل قابعا في الانحراف، استجابة لداعي النفس الأمارة بالسوء والشيطان الذي يجري منه مجرى الدم. ولكن من تمام كرم الله أنه ما من ساع إلى الخير باعتدال إلا ولسعيه ثمرة وإن تأخرت بعض الوقت، فالأب الذي يهمه شأن استقامة أسرته استقامة سلوكية أخلاقية وفكرية عقدية ويعمل لذلك لن يعدم خيرا أبدا وإن تأخرت النتيجة وقتا. فقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[الْعَنْكَبُوتِ: 69]، وقال: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[اللَّيْلِ: 5 -7]. مسؤولية منظومة ويضيف العضياني بأن هناك أسباباً إذا توفرت مجتمعة لا تكاد تخطئ التربية هدفها؛ وهي مسئولية منظومة في المجتمع متكاملة؛ منها على سبيل المثال، صلاح الآباء، استقامة الأسرة، دعاء الوالدين، صلاح الجليس، فاعلية المسجد والمدرسة ودُورُ التحفيظ وحلقاته، توجيه الإعلام بأنواعه، وغيرها من الأسباب فإنها متى ما قامت بدورها على وجه التمام والكمال ووجدت محلا قابلا للتأثير، خرج لنا جيل يرفع هام الأمة، فضلا عن سلامته من العنف والانحراف، أما إن تقاعست وقصرت فإنها تستعجل ثبور الأمة وانحطاطها فضلا عن انحراف بعض أفرادها وشبابها في العاجل. أجد أن الأبوين إذا كانا صالحين رفيقين عادلين حليمين ناصحين لولدهما نأيا به عن الانحراف السلوكي المتمثل أحيانا في العنف لافتقاده الرفق والعدل والحلم والنصح من أقرب الناس إليه والعكس صحيح تماما. وأجد أن الأسرة المترابطة المتراحمة المتفاهمة فيما بينهما العارف أفرادها لدورهم فيها، أجدها محضنا يجد الولد فيه الأنس والدفء، يجد فيه مجتمعا يغنيه كثيرا عن البحث عن رفقاء ربما يصيب منهم عنفا أحيانا، وانحرافا فكريا أحيانا أخرى، بخلاف الأسرة المتفككة، التي حتى لو اجتمعت فكل منها مشغول بهاتفه النقال والتواصل مع الأبعدين فلا يجد الولد في اجتماعها ما يغني نهمه عن اتخاذ قرناء ولو كانوا منحرفين فرارا من شؤم الوحدة المتولد من تفكك أسرته. لو قام المسجد بدوره في تحين فرص التوجيه والنصح بين الوقت والآخر وتنويعه، والتبديل بين المرشدين والعمل على ترابط جماعته، وتعاون أهل الحي فيما بينهم؛ شبابا ورجالا ونساء، وأقاموا برامج موجهة بالدرجة الأولى لاحتواء شباب الحي وتفعيلهم لخدمة المجتمع لوجدنا فارقا كبيرا بين أمسنا وغدنا ولساد التسامح والرفق والإخاء والتعاون وحل محل العنف والانحراف. ولو طورت برامج حلقات التحفيظ في المساجد والدور ورسمت خططها التعليمية على وفق ما كان يفعله سلفنا في الحفظ والعمل كما قال أبو عبد الرحمن السلمي وهو من كبار التابعين «حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا: أنهم كانوا يستقرِئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلَّموا عَشْر آيات لم يخلِّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلَّمنا القرآن والعمل جميعًا». ولو شحذت همم الدارسين بأنواع من الجوائز والبرامج المفيدة والمصاحبة. لخرج لنا بعد سنين قلائل جيل محمود لا يعرف للعنف سبيلا ولا للانحراف طريقا بل لخرج لنا جيل متألق نافع. لو كرست الرئاسة العامة «لرعاية الشباب» جهودها لتحقيق «مسماها» لرأينا فارقا إيجابيا كبيرا في سلوك الشباب؛ فلو عملت على إيجاد مراكز رياضية متعددة وثابتة في الأحياء وأعدتها إعدادا لائقا بالشباب واستفادت من بعض معلمي وزارة التربية والتعليم في وقت المساء ومدربي الرياضة بأنواعها على وجه الخصوص، واستفادت من الطاقات الشبابية في إدارتها وتنويع برامجها المصاحبة للرياضة، واستعملت فيها المربين والمصلحين لاختفت كثير من ظواهر العنف والانحراف السلوكي والفكري الذي يثيره الفراغ القاتل عند بعضهم مع غياب التوجيه. المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد تقوم بجهود غير منكورة في توعية الجاليات ودعوة غير المسلمين للإسلام بطرق كثيرة مشكورة، كما يقوم بعضها بتخصيص بعض البرامج للشباب خاصة لكن لا يزال المأمول منها أكبر، فلو خصصت عموم المكاتب في المملكة شطر جهدها لصالح شبابنا بالذات فأقامت لهم المخيمات، والملتقيات الدعوية، والمصليات المتنقلة، والمجالس المفتوحة، ورحلات الحج والعمرة، والزيارات الثقافية والبرامج الهادفة والمواد الدعوية بشكل دوري ومستمر غير منقطع، وبادرت بزيارة الشباب وغشيانهم في مظان تجمعاتهم كالثمامة في الرياض والشواطئ البحرية والمصايف مثلا، وأقامت لهم البرامج المفيدة، واختارت لهم من الدعاة والموجهين من يجيد فن التعامل معهم كشباب، ويوجههم ويربطهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم ويربطهم بعلمائهم ويعرفهم بأهمية المحافظة على مكتسباتهم الدينية والدنيوية الموجودة. الفقر أحد العوامل الرئيسة والأسباب الأكيدة للعنف والانحراف، والواجب إغناء كل الشباب ابتداء من سن التكليف بمكافأة شهرية تحددها وتحدد معالم استحقاقها وإيقافها جهة مخولة بها تابعة للشئون الاجتماعية. العدالة الاجتماعية على المستوى العام التي يرى ميلها الشباب من سن مبكر له دور فعال في إثارة الانحراف بصورة فالواجب مراجعة ذلك. مما لا شك فيه أن مثل هذه البرامج وغيرها مما يفيد لو نفذت فستقضي على أكثر الانحرافات والسلوكيات المشينة، ولهذا أرى لزاما علينا أن نتعاون جميعا في وضع خطط وإستراتيجيات تعنى بالشباب علاجا ووقاية واستثمارا لطاقاتهم وأن نتعاون جميعا في تنفيذها. كما أرى لزاما أن لا نقارن بين ما يجب أن نقدمه لشبابنا بما تقدمه الدول أيا كانت لشبابها فإن شبابنا يشكلون قرابة 70% من مجتمعنا فهم ثروتنا التي يجب أن نقيها ونعالجها ونستثمرها، وهذه النسبة ربما لا تجدها في دول العالم، وبالتالي فإنه يتوجب علينا أن نبذل كل شيء لاستثمارها والنأي بها عن مظان العنف والانحراف لاسيما ونحن قادرون وليس هناك ما يعيقنا. إن فعلنا فهو الواجب المتحتم على كل فرد منا، وإن لم نفعل فأخشى أن يعود علينا شؤم تقصيرنا تجاههم، فيتنكروا لنا وينقلبوا علينا. وقد لمسنا بعض شؤم تقصيرنا فخرج لنا من أصلابنا تكفيريون وتفجيريون وعلمانيون ولبراليون ومجرمون، فهل ترك أولئك لما قصرنا تجاههم من العنف والانحراف شيئا !!.. المؤسسات الشرعية وتؤكد د. زينب بنت عبد الرحمن محمد الدخيل أستاذ التفسير المساعد بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن إن المجتمع المسلم وِحدةٌ واحدة لا يتجزأ، يُكمل بعضه البعض؛ لذا على المؤسسات الشرعية وعلماء الأمة وطلبة العلم وضع إستراتيجية لحماية الشباب من العنف والانحراف، ويتلخص ذلك في الأمور الآتية: 1- يعتبر البيت من المؤسسات الشرعية التي لها دور كبير في تنشئة أبنائها تنشئةً صحيحة، لذا عليها جزء كبير من هذه المسؤولية وحماية الأبناء منذ الصغر من الانحرافات المتعددة، سواء كانت قولية أو فعلية، وحمايتهم أيضاً من العنف الأسري وعدم ممارسته في البيت، لا مِن قِبل الأم أو الأب أو مِن أي فرد يعيش تحت ظل الأسرة، ومن المعلوم أنه إذا نشأ هذا الابن على العدوانية وتربى عليها فسيخرج للمجتمع الكبير بتلك العدوانية التي تربى عليها. 2- على إمام المسجد ولِجان الحَيّ الاجتماعية متابعة أبناء ذلك الحَيّ وتفقد أمورهم، وبمجرد وجود شكوك لانحرافات شباب أحد البيوت أو وجود عنف لابد من معالجة الوضع بالطرق السليمة المنطقية مُتّبعين بذلك هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في معالجة الأخطاء. 3- على علماء الأمة وطلبة العلم احتواء الشباب ومناقشة أمورهم بكل أريحية وإيجاد الحلول السليمة التي تُعيد إليهم رشدهم. 4- على المؤسسات الشرعية زرع المبادئ والقيم التي تُجنب الأبناء الوقوع في الانحراف والعنف؛ لأن البناء أهم من العلاج. 5- على المؤسسات الشرعية إقامة الدورات التأصيلية لعامة الناس بحيث يكون أسلوب الطرح من الممكن فهمه بسهولة؛ لأن غالب البرامج التأصيلية التي تُقدمها المؤسسات الشرعية تكون عالية الطرح وتهتم بالمتخصصين فقط. 6- تعزيز أهمية القرآن الكريم لدى الأبناء بجعله المرجع الأول لحل مشاكلهم. 7- إقامة الحملات الوقائية لحماية الشباب من الانحرافات الفكرية والسلوكية عبر قنوات التواصل الاجتماعي مثل: تويتر - واتساب - فيس بوك، وعبر الفواصل الإعلانية في القنوات الفضائية المختلفة سواء المُحافظ منها أو غيره. 8- وضع شبكة تواصل بين المؤسسات الشرعية والشريحة المستهدفة من أجل البقاء على تواصل دائم ومعرفة متطلبات واحتياجات الشباب لمعالجة الانحرافات إذا وقعت. 9- على المؤسسات الشرعية ربط الشباب بالمناشط الدعوية والحلقات القرآنية التي تعتني بتنظيم الفِكر والسلوك، واحترام آرائهم والإشادة بمنجزاتهم حتى لو كانت قليلة والنزول لمستوى تفكيرهم وعدم السخرية منهم أو تَحدّيهم. 10- على العلماء وطلبة العلم التحلي بالصبر والحِلم والخلق القويم والتعامل الحَسن ليكونوا نموذجاً طيّباً للإقتداء بهم من قِبل الشباب.