تُعتبر المجالس البلدية أحد أهم مرتكزات الارتقاء بالإنسان، والعناية بما يهمه من تطوير بنية تحتية ومرافق خدمية وغيرها، وكثير من الناس يتطلعون لما تقدمه هذه المجالس من خدمات يلمسونها على أرض الواقع، لكن الملحوظ على كثير من المجالس البلدية العناية بالمباني والمرافق وغيرها أكثر من عنايتها بالعنصر البشري الذي سيستفيد ويحافظ على المدينة ومرافقها. إن إنشاء المجالس البلدية ينبثق من إيمان عميق لدى القيادات العليا في أي دولة بضرورة النزول لمستوى معيشة الناس وتلمس حاجاتهم، ومن ثم السعي في توفيرها والعناية بها، وفق خطط مدروسة، تُعنى بالفرد كوحدة أساسية لبناء المجتمع الراقي المتماسك والمتلاحم فيما بينه ومع قيادته. لذلك أولت حكومتنا الرشيدة المجالس البلدية أهمية بالغة، ومكنتها من العمل لما يخدم الأرض والإنسان في وطننا الحبيب، وكان على المجالس البلدية في ظل ما هو متاح لها من صلاحيات وما وُكل إليها من مهام، أن تعمل في خدمة الإنسان والمجتمع والوطن وفق ثلاثة مسارات رئيسة هي: * مسار التطوير. * مسار الوقاية. * مسار العلاج. المسار الأول: وهو مسار التطوير، وأعني به الارتقاء إلى ما هو أفضل بالنسبة للمجتمع، والارتقاء بالإنسان أهم جوانب التطوير، وفي الاستراتيجيات الحديثة أصبح تطوير الفرد هو العنصر الأهم في عملية التطوير الشامل، إذ إن تطوير الفرد والارتقاء به فكرياً وثقافياً وسلوكياً ينعكس إيجاباً على كل مفردات الحياة وتفاصيلها. والمجالس البلدية يمكنها أن تكون حجر زاوية في هذا المسار بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني التي تُعنى بالتطوير وأخص بالتطوير عنصر الشباب الذين هم عماد رقي البلد وزيادة النهوض به. المسار الثاني: وقاية المجتمع والإنسان الذي هو النواة الأولى والعنصر الأساس في تكوين المجتمع، وتشمل الوقاية وضع خطط مسبقة للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة سواءً على المستوى الأرضي البُنيوي، أو الفكري الإنساني الذي يحافظ على المكتسبات الوطنية ويحرص على استثمارها كما ينبغي. فعلى المجالس البلدية أن تولي الإنسان وخاصة الشباب أهمية بالغة، من خلال إيجاد برامج ودورات تدريبية هادفة فيها جوانب وقائية تسهم في المحافظة على الإيجابيات في نفوس الشباب وتعزيزها، والتنبيه على السلبيات والتحذير منها، وللمجالس البلدية أن تسعى في تحقيق ذلك بالشراكة مع الجهات المهتمة بالشباب أو تلك التي لها عناية خاصة بهم. المسار الثالث: وهو مسار علاج الأخطاء في المدينة، أو في تصرفات الأفراد الذين يسيئون استخدام المكتسبات الوطنية، وهذا المسار هو الحلقة التي ينبغي أن تكون الأضعف في السلسلة الهرمية لأداء المجالس البلدية، فالعلاج لأي مشكلة مهم وإهمال العلاج تفريط مخل بعمل هذه المجالس، لكن ليس من الصواب أن يكون العلاج هو قصارى ما تقدمه المجالس، دون أن تكون هناك برامج تطويرية، ومبادرات وقائية تمنع الخلل من أساسه، وذلك لن يتحقق إلا إذا وجدت استراتيجية واضحة تحدد ماهية العمل وآليته، وتكون مؤطرة بأزمنة محددة ومؤشرات؛ لقياس مستوى الأداء وحجم الإنجاز، وتعتمد على متابعة دقيقة لكل التفاصيل. مسارات متوافقة ومرحلية، بعضها يخدم بعضاً، والمهم من هذا كله أنه ينبغي أن نقدم لديننا، ثم لوطننا ومجتمعنا ما يرضي ربنا وفق رؤية شرعية واضحة، واستراتيجيات مدروسة يتبعها تنفيذ على أرض الواقع.. بعد ذلك سندرك أننا خدمنا وقدمنا، عندها نشعر بالارتياح؛ لانضمامنا إلى عوامل البناء والنماء في وطن الخير والعطاء. د. فهد بن عبد الله التويجري عضو المجلس البلدي