بسم الله الرحمن الرحيم بعد فاجعة مضايا.. هل أصبحت تلتقط حبيبات الأرز المتساقطة من ملعقتك فتردها لصحنك بعد أن كنت لا تأبه بها؟ نعم؟ هنيئا لك.. وكثيرون مثلك أصبحوا هل أصبحت تحرص على إعطاء بقية طعامك إلى محتاج له بعد أن كان يفسد في ثلاجتك فتضطر لرميه؟ نعم؟ هنيئا لك.. وكثيرون مثلك أصبحوا هل أصبحت تجمع ما لا يمكن للبشر أكله من بقايا خبز وغيره فتنثرها للطيور أو تحفظها وتعطيها لأهل الدواب والأنعام؟ نعم؟ هنيئا لك.. وكثيرون مثلك أصبحوا هل أصبحتِ تقللين كميات الطعام التي تطبخينها محتسبة وتحرصين أن لا تطبخي إلا قدر حاجتكم؟ نعم؟ هنيئا لك.. وكثيرات مثلك أصبحن هل أصبحتَ وأصبحتِ تتحدثان عن نعمة الله وأهمية حفظها وخطورة الإسراف فيها وعقوبة الكافر بها؟ نعم؟ هنيئا لكما.. وكثيرون مثلكما أصبحوا لكن: هل أصبحت هذه الثقافة (ثقافة الترشيد) هي جزء من ثقافة حياتنا في كل شيء؟ أم أنها انحصرت في الطعام والشراب وغفلنا عنها في سائر مصروفاتنا؟ هل من الرشاد والسداد أن نسرف في اللباس والكماليات والرفاهية والمباهاة والتفاخر في ذلك؟ إن الله عز وجل قد كتب الإحسان على كل شيء، فهل ثقافتنا الاستهلاكية الحالية من الإحسان في شيء؟ هل من الإحسان أن نقيد أنفسنا بالديون والقروض لنكون على مستوى المعيشة الذي لا يصله دخلنا؟ هل من الإحسان أن نبيت متخمين وإخواننا يبيتون جوعى ويصبحون موتى؟! هل من الإحسان أن ندفع 50 ريالا لإخوتنا المضطهدين نشعر بالرضى بعدها، بينما ندفع أضعافها وأضعاف أضعافها في وجبة مطعم يسرق فيها مالكه جيوبنا بمحض إرادتنا؟ صحيحٌ أنه.. وأما بنعمة ربك فحدث، ولكن ما مقتضاها؟ قال بعض العلماء إن المقصود من التحديث بالنعمة: هو القيام بشكرها، وإظهار آثارها، فإذا أنعم الله عليه بالمال شكر الله تعالى على هذه النعمة، وأكثر من التصدق والكرم والجود، حتى يقصده الفقراء والمحتاجون كان هذا هو المقصود بالتحديث بالنعم، وليس المراد تعديد ثروته، وإخبار الناس بما عنده، فإن هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا هو أيضا من فعل ذوي الحزم والهيئات. أه ختاما: قد تكون -لا قدر الله- في يوم من الأيام في مكان إخوتك في مضايا والغوطة وغيرها، فماذا تتمنى منهم يومها أن يقدموه لك؟ إذاً.. قَدّم اليوم لهم ما تتمناه منهم حينها.