كتبت ذات يوم في تويتر، هل تعرفون ما هو "صانع الأرامل"؟ إنه الشريان التاجي الأيسر الأمامي النازل (LAD) وهو شريان يغذي أهم جزء من عضلة القلب جهة البطين الأيسر الذي يقوم بأهم جهد من ضخ الدم إلى بقية أنحاء الجسم. وفي حالة سُدَّ هذا الشريان بسبب جلطة أو تضيق مفاجئ فإن إنقاذ حياة المريض قد يستدعي التدخل الطبي خلال خمس دقائق، وإلا أدى إلى الوفاة بسبب فشل القلب في ضخ الدم. ولذلك سمي "صانع الأرامل" مع أنه لا ينبغي التقليل من أمراض شرايين القلب التاجية الأخرى. وقديماً قال أبقراط "أبو الطب" و"المشي أفضل علاج للإنسان" وهذه المقولة ليست من فراغ، فالمشي من أفضل الرياضات معتدلة الشدة التي تحسن صحة القلب. ثبت بالدراسات أن المشي لمدّة 150 دقيقة في الأسبوع، يمنع الإصابة بالسكّري من النوع 2 بنسبة 58%. كما تشير النتائج إلى انخفاض خطر الإصابة بأمراض شرايين القلب بين الرجال الذين يمارسون المشي لمسافة أكثر من ميل في اليوم. وبين النساء اللاتي يمارسن المشي بمعدل 3 ساعات في الأسبوع. وقد أكد البروفيسور الألماني، ديتريش أندريسين، أن المواظبة على ممارسة المشي بانتظام تحافظ على صحة القلب. وأضاف أندريسين (عضو مؤسسة القلب الألمانية) أن المشي 7000 خطوة يومياً يحدّ من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مشيراً إلى أن المعدل المثالي للمشي اليومي هو 10000 خطوة، بحسب أحدث الدراسات العلمية. ولتحقيق استفادة حقيقية من المشي، شدّد البروفيسور الألماني على أهمية قطع مسافات طويلة نسبياً دفعة واحدة، وعلى سبيل المثال المشي بمعدل مرة واحدة لمدة 20 دقيقة يومياً، أو بمعدل خمس مرات لمدة 30 دقيقة أسبوعياً. كما أكد أندريسين أهمية المشي بخطى حثيثة من أجل صحة أفضل للقلب. ومن المعروف أن المشي السريع يمكن أن يرفع ضربات القلب ليصل إلى "نطاق اللياقة" وهو الحد الذي يجب أن ترتفع إليه ضربات القلب لتحسين اللياقة القلبية التنفسية (يساوي 65% إلى 85% من الحد الأعلى المسموح به من ضربات القلب) والحد الأعلى المسموح يساوي = 220 –العمر. كما أن من المعروف أن الرياضة عموماً تؤدي مع مرور الزمن إلى تحسن أداء عضلة القلب وبالتالي بطء ضربات القلب أثناء الراحة، وقد أثبتت إحدى الدراسات أن بقاء معدل ضربات القلب أثناء الراحة أقل من 70 في الدقيقة (بسبب الرياضة المنتظمة) على مدار 10 سنوات يقلل وفيات شرايين القلب. بل إنه أحد المؤشرات التي تستخدم في التنبؤ بوفيات القلب. ولذلك فاستخدام عداد ضربات القلب أثناء الرياضة مهم من أجل مراقبة ما إذا كانت شدة المشي مفيدة لصحة القلب أم لا. ورياضة المشي من أنسب الرياضات التي يمكن التوصية بها لمرضى القلب والتي عادة ما تحدث في سن متأخر نسبياً، وذلك لمناسبتها لهذه الأعمار، ولمرونتها من حيث الشدة والمدة والمسافة لتراعي كل حالة بحسبها. ومن أسرار رياضة المشي أنها ترفع ضربات القلب بنسق متساو طوال مدة ممارستها، وهذا النسق هو الأفضل لصحة القلب مقارنةً بالرياضات التي تتفاوت فيها ضربات القلب صعوداً وهبوطاً. كما أن ممارسة المشي بانتظام يعود إيجابا على بقية عوامل الخطورة التي تتداخل بعمق مع أمراض شرايين القلب. ومن هذه العوامل التي يحسنها المشي المنتظم؛ السمنة بما فيها شحوم البطن الأخطر على القلب، وارتفاع ضغط الدم، وتحسين حرق السكر لدى مرضى السكري، كما أنه ثبت أنه يعين على الإقلاع عن التدخين. ختاماً. إن مقولة أبقراط "المشي أفضل علاج للإنسان" هي أكثر مقولة يجب أن يرددها أطباء القلب لمرضاهم. أتمنى للجميع الصحة والعافية. د. صالح بن سعد الأنصاري @SalihAlansari الأستاذ المساعد في طب الأسرة والمجتمع المشرف العام على مركز تعزيز الصحة @SaudiHPC