قدِم إلى الحج هذا العام أكثرُ من 60 ليبيًّا من ضحايا الحرب التي كلفتهم خسارة أطرافهم وإصابة بعضهم بإعاقات دائمة، لكن قوة إيمانهم عوضت ضعف أجسادهم فتغلبوا على إعاقتهم وقدموا حاجين مهللين مكبرين لبيت الله الحرام. "تواصل" زارت مخيم حجاج ليبيا التابع لمجموعة الخدمة الميدانية (112)، والتقت برئيسه المطوف عبدالله معاجيني، وخرجت بعدد من القصص التي تختزنها ذاكرةُ الحجاج. سر الرقم (25) البداية كانت مع صاحب الرقم (25) الذي نقله للمشاعر المقدسة الحاج الثلاثيني عبدالباسط كريمة من طرابلس الليبية إلى المشاعر المقدسة بعد أن كان أدائه للفريضة هذا العام ضرباً من الخيال، ولم يتوقع ابن مدينة عروس البحر المتوسط أن رفيق دربه سيساهم في أدائه فريضة الحج للمرة الأولى في حياته. يشير كريمة إلى أن الخبر المفرح الذي طرق باب بيته كان بعد صلاة العشاء في شهر رمضان من العام الجاري، يقول:" كنت واحداً من المسجلين في قرعة الحج التي تنظمها جمعية أبطال ليبيا لفاقدي الأطراف وانضممت إليها بعد إصابتي في الحرب وهي تساعد فاقدي الأطراف وتعطيهم عدداً من المميزات بالإضافة لراتب شهري، والحج والعمرة وغيرها من المميزات". وأضاف: "اخترت في قائمة الاحتياط وكان رقمي 25 لم أكن أتوقع أني سأحج هذا العام، ولم أُعر الموضوع أيَّ اهتمام، ولكن بعد توفيق الله اعتذر الشخص الأخير الذي كان في القائمة الأساسية، وتبعه 23 شخصاً كانوا في الاحتياط ممن سبقوني في القرعة، وكان صاحب الرقم 24 أحد أصدقائي الأعزاء الذي سأل عن صاحب الرقم 25 وبعد معرفته أني أنا صاحب هذا الرقم تخلى عن الدور لأحج هذا العام". وعبَّر عن سعادته بأداء الفريضة هذا العام بعد أن كان فاقداً زيارة المشاعر المقدسة بعد إصابته منذ 4 أعوام في العمود الفقري بعد انقلاب سيارة صديقة والذي كان يرافقه، ونقل على إثرها للعلاج في تونس ليعود مرة أخرى ويكمل حياته في العاصمة الليبية. العين تبصر لم يدر في خلد الشاب العشريني علي محمد يوسف أن تكون الإصابة التي وقعت له في عينه سبباً في انتقاله وعائلته للمشاعر المقدسة بعد أن أصيب منذ أربعة أعوام في الثورة الليبية بعد مواجهات ميدانية مع قوات القذافي. رافقه لأداء الفريضة والدته ووالده الذي لم يدع لابنه المجال في الحديث، فأكمل قصة ابنه قائلاً:" كان لدى ابني سيارة دفعي رباعي وفيها العديد من الصواريخ التي يطلقونها مع قوات الثورة على القذافي وجيشه منذ بداية الثورة في 2011، وعندما انتهى ابني من الصواريخ التي كانت لديه أسرع ليأتي بغيرها فذهب لأحد رفاقه الذي كان ينتظره في الجهة الأخرى، وكان يستعد لإطلاق إحدى الصواريخ دون علم ابني الذي كان خلفه مباشرة ليصيب لهيبه عينه ويسقط على الأرض". وزاد الأب: "أسرع زملاؤه لنقله إلى المستشفى الذي عالجه بشكل بسيط، قبل أن يتوجه لاحقاً للعلاج في ثلاث دول بدأت في الهند ثم ألمانيا لتنتهي الرحلة في تونس، ويعالج بعين صناعية ولكنه غير قادر على الرؤية فيها"، يشير الابن إلى أنه سعيد بالتواجد في الأراضي المقدسة بعد نصف عقد من إصابته. عناية متكاملة وخصص مدير مكتب حجاج ليبيا التابع للمؤسسة الأهلية لحجاج الدول العربية المطوف عبدالله معاجيني لجمعية أبطال ليبيا لفاقدي الأطراف والتي يحج منها هذا العام 59 رجلاً وامرأة، فريقاً خاصاً يساعدهم على أداء المناسك بكل يسر وسهولة، وقال معاجيني:" تم تجهيز كافة المتطلبات والاحتياجات التي تهم الحجاج وتساعدهم على أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة ابتداء من وقت وصولهم إلى المملكة باستقبال يليق بضيوف البيت الحرام، وتكليف فريق متخصص لمساعدة الحجاج الغير قادرين على السير أثناء تنقلهم في الحافلات ومساعدتهم في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة".