كلما كان الكيان قويا محصنا صمد شامخا منيعا ضد التفكيك والاختراق. وفي المقابل: ما كان هزيلا عليلا سَهُل زعزعته وإسقاطه. قاعدة واضحة ثابتة تتجلى في كل مجالات الحياة. الديني منها، والثقافي، الاقتصادي، والسياسي. أيا كان هذا الكيان، فردا أو أسرة أو مجتمعا. ذكرت في مقالي الفائت أن تلك المحاولات والخطط للإفساد والتغريب في قضايا المرأة السعودية بدأ يقابلها حراك دعوي ثقافي حقوقي تقوده المرأة ذاتها لتقول كلمتها في شؤونها وتفصل بنفسها فيما يخصها من مشكلات، وأن جبهة نسائية داخلية بدأت في التشكل لتقف كحائط صد في وجه أدعياء التحرر الزائف ممن يصطادون في الماء العكر، فيستغلون جراحها ومواجعها لتمرير أجنداتهم. لا شك أن التحصين الجيد للأنثى دينيا وعلميا وتربويا كفيلٌ بتقويمها وإنضاجها ومعينا لها على تحقيق أحلامها وطموحاتها، وجعلها قادرة على تجنب حُفر الطريق واعية بأخطارها. ولكن من المنطق أيضا أن نعترف أن ذلك وحده لا يكفي أو بالأصح قد لا يتأتى للجميع! فإن كنا ندرك أن كل تلك التأثيرات والضغوط الدولية وما يتسق معها محليا من دعوات التحرير والتغرير لجر المرأة السعودية بعيدا عن قيمها الدينية والاجتماعية، إنما تقنّعت بأردية الإنقاذ والإشفاق وانتشال المرأة من مآسيها. فإن خط الانطلاق يجب أن يبدأ هنا! من حيث تباكى المتلبرلون على المظالم التي تتعرض لها الأنثى، زاعمين أنه على أيديهم ووفق رؤاهم سيأتي الفرج. كلنا نعلم أن استضعاف الأنثى وسلبها حقوقها الشرعية والجور عليها من بعض الظلمة والجهلة، جرّأ مدعي الحريات على استغلال متاعبها وتوظيف ذلك للنفاذ إلى عواطفها وفكرها مما يضمن لهم سهولة التأثير والإقناع. لذا فإن كانت المرأة السعودية اليوم قد بدأت تنهض بقضيتها، وتُسقِط اللثام عن خصومها الحقيقيين ممن لا يريدون لها خير الدنيا والآخرة، فإنها بأمس الحاجة الآن وأكثر من أي وقت مضى للدعم من المصلحين المخلصين لتعزيز موقفها ومساندتها. - المرأة قد تقاسي الأمرين من عنف وتسلّط وليٍ ظالم، فنكتفي بالفرجة أو بعض التنظير والوعظ ونتركها للعذاب أعواما فيتسلل إليها فكرٌ تخريبي يوهمها أن الخلاص بالتمرد على الشرع، وتطبيق «الحرية والمساواة» المطلقة، والاعتراض على ولاية وقوامة الرجل، ورفض المحرم وغير ذلك! فيما لو أننا بادرنا لرفع الظلم عنها وتوفير الأمن والكرامة والحماية لها وردع ومحاسبة كل من يعتدي ويتجنى عليها لأغلقنا أبواب الفتنة منذ زمن. - المرأة قد تُبتلى بالفقر والحاجة إما لغياب العائل أو تخاذله عن واجبه بالنفقة أو عجزه عن ذلك. فتضطر للخروج للعمل وقد تتنازل عن بعض قناعاتها ومبادئها وتقبل بالمتاح لها، ونظل نشجب الاختلاط ونندد بخطر إهمال المرأة للزوج والأبناء ونستمر في استجداء الدولة ومدافعة التغريب- الذي لا يتوقف. بينما لو أن أولئك الأخيار قدموا مشاريع إيجابية ووفروا بدائل وحلول عملية لكان ذلك أجدى! إن كنا نطالب المرأة اليوم أن تقول: لا لكل ما يتعارض مع دينها وحيائها وأنوثتها ورسالتها، فأعينوها لتخفيف واقع العوز الذي ينهكها، وربّوا الرجل أن يكون رجلا. علموه القيام بواجبه وأكرهوه إن لزم الأمر على أداء حق زوجته وأطفاله. ثم أين أموال الميسورين من الدعاة والمحافظين ورجال الأعمال المعترضين على خطط التغريب، أين أموالهم عن المؤسسات الخيرية وعن إقامة مشاريع تخدم المرأة وتدربها وتوظفها لتسد حاجتها، هل ننتظر وزارة العمل حتى يغرق البلد؟ - أيها الرجل/ في وضعٍ لا تقود فيه المرأة سيارتها قم بواجبك فلا تسلّمها لسائق يذلها. أو تهملها فتضيع مصالحها ولا تُلبى احتياجاتها وضرورياتها. وفي وضع ينهمر فيه الفضاء وتقطر التقنية بكافة أشكال الفتن والانحراف أد أمانتك برعاية الأنثى التي بين يديك فادفع عنها ما يضرها واغمرها بما يسرها. امنحها الحب والدفء والاحترام والثقة لئلا يقتلها الحرمان والحزن أو تتخطفها الدروب المظلمة! أخيرا/ نتفاءل بمستقبل أفضل بإذن الله، وحاضرٍ يتألق فيه الوعي والمعرفة، تدحر فيه المرأة ذاك الفكر المُضلِّل الذي يمد يديه إليها منقذا لها من الغرق في الماء ملقيا إياها في النار!