يلومني البعض على استمراري في الكتابة لصحيفة خارج الحدود. ويسألني آخرون ما فائدة حديثك عن المرأة السعودية وقضاياها والمجتمع عامةً في صحيفة ليست محلية! والحقيقة أنه لو لم يكن من محاسن الكتابة ل «العرب» وغيرها من الصحف العربية التي تتيح منبرا للكتاب السعوديين إلا كونها تمنحنا فرصة التصحيح والتوضيح لبعض المغالطات المُضلّلة التي تنقل صورة مشوهة عن أوضاع الداخل السعودي. لكفى! لا آتي بجديد ولا أكشف سرا حين أشير لتلك الممارسات الإجرامية التي تقع فيها قنوات الإفساد والعمالة المحسوبة على بلاد الحرمين. بالإضافة لبعض الصحف من تجاوزات خطيرة بحق الدين والأخلاق وقيم المجتمعات العربية المسلمة. وما سياستها المؤدلجة في تناول القضايا السعودية إلا أحد انحرافاتها. والمؤلم أن كثيرين يبنون تصوراتهم وقناعاتهم وأفكارهم عن الواقع السعودي الداخلي بناء على ما يقدمه هذا الإعلام الفاسد من رؤى وطروحات. وهنا رسائل مختصرة وسريعة من مواطنة سعودية بسيطة لكل أحبتي في عالمنا الإسلامي: -حين تأتيك قنوات المجون والانحطاط لتحاول الحديث عن أوضاع المرأة السعودية ومجتمعها فلا تقابل بالتسليم والتصديق ما يقولون! فمن يروّج للرذيلة والعري والإسفاف وكل ما يهدم كيان وهوية الفرد في الأسرة المسلمة لا تأمن شرّه ولا ترجو أن تلقى عنده أمانة وإنصافا أو حرصا على مصلحة مسلم! - حين تجد مثل تلك الفضائيات أو الصحف قد أتت بمن لا نتاج له أو لها إلا روايات الجنس والشذوذ والانحراف أو مقالات وبرامج الطعن في الثوابت ومحاربة ثقافة المجتمع. يؤتى بهم للحديث عن حقوق أحد أفراد هذا المجتمع «المرأة». فلا تثق بما ينقلون ويزعمون. فمن لم يحترم كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام كيف يُحترم؟ ومن لم تسلم النصوص الشرعية من جهله وتشكيكه واستهتاره كيف يمكن أن يوثق بفكره وآرائه؟! - حين تتابع بعض تلك البرامج الفضائية على تلك المحطات المشبوهة وقد جعلت من أدق تفاصيل أحوال المرأة السعودية وحقوقها ومطالبها وعلاقتها بالرجل والمجتمع عموما موضوعا للنقاش، ثم رأيتهم قد استضافوا بضعة متلبرلات أو من يسمين أنفسهن ناشطات حقوقيات ممن يقمن في لندن أو بيروت أو دبي. فاعلم أن هناك مكيدة وكذبا وتدليسا بحق السعوديين ككل. فلا يمكن لمن تنظر وتنظّر عن بُعد أن تتلمس مشكلاتنا الحقيقية وقناعاتنا حول العلاج وسبل الإصلاح! فمعاناتنا نحن أدرى بها وأعرف بوسائل الخلاص منها. وما لنا من حقوق شرعية سننالها بإذن الله دون الرجوع لبضعة تغريبيين أو تغريبيات تقودهم أهواؤهم وتبعيتهم للغرب. ويجهلون عن الشرع وعن مجتمعهم أكثر مما يعلمون. - حين تشاهد خبرا أو تقريرا عن المرأة السعودية وتجدهم قد استقطبوا للتعليق عليه ذات الوجوه والأسماء المعتادة بذات التوجه الليبرالي فاعلم أن في الأمر تلاعبا وخداعا وغيابا للمصداقية، وليكن تساؤلك القادم لماذا لا تستضيف تلك الشاشات والصحف شخصيات مختلفة تحمل فكرا مغايرا للمعتاد طرحه. أين العلماء والدعاة وعقلاء المجتمع السعودي. أين الأكاديميات السعوديات والداعيات وغيرهن لماذا لا يُسمح بوصول صوتهن عبر تلك المنابر؟ الذي أود قوله بعد هذا: هناك صحوة نسائية قادمة! نهضة دعوية ثقافية حقوقية تشهدها الساحة السعودية! حراك نسائي قادم بقوة لنشر الوعي وإعلاء الهمم وتصحيح المسار. جهود إيجابية مثمرة لتثقيف الأنثى المسلمة حول دينها وحقوقها وواجباتها الشرعية. لا عجب هنا أن يرتعب أدعياء التحرر المزعوم ويصيبهم هذا الذعر، ولكننا لم نتوقع وهم -المتشدقون بحرية وحقوق المرأة- أن يهاجموا هذا الحراك بكل هذه العدوانية والشراسة واللاأخلاقية! تكتب الداعية الفاضلة نوال العيد مقالا عن المساواة تنقل على هامشه معلومة عن استفتاء منشور في مجلة فرنسية؛ فيصيبهم الجنون لمجرد رأي يخالفهم وتنهال مقالاتهم انتقاصا وتجريحا وتكذيبا لها. ويستميتون بشكل مضحك في إثبات أن الدكتورة أخطأت باسم المجلة أو أنها لم تُحِل للمصدر الأصلي بل شككوا بوجود المجلة أصلا! وغير ذلك من سخافاتهم وما يكشف ضحالة تفكيرهم وإفلاسهم من الحجة والمنطق. مع أن المجلة موجودة والدكتورة نقلت عن مصدر فرعي. فيقيمون حملة شعواء ضدها، مما لا يدع مجالا للشك أن المسألة ليست إلا حربا على ما تمثله نوال العيد وما تدعو له. وحربا ضد كل امرأة تحمل ذات أفكارها! لو علمنا أن نوال العيد حاصلة على درجة الدكتوراه في الحديث النبوي وحصدت جائزة الأمير نايف العالمية للسنة وعلومها. ولها برنامجها الإذاعي المتخصص في مناقشة حقوق المرأة المطلقة والمعلقة والمظلومة.. وتدير مركزا غير ربحي يتناول قضايا المرأة الشرعية والقانونية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ويعالج مشكلاتها ويقدم لها المشاريع والبرامج التي تنمي مهاراتها وتدعمها وفق رؤية تجمع الأصالة والعصرية، ثم نعلم أن جماعة ممن اتهموها وهاجموا شخصها إنما هم من أهل روايات الجنس وممن لفظهم مجتمعهم ونبذ كتاباتهم وأفكارهم. لندرك أخيرا حقيقة أن ما تعرضت له الدكتورة وبعض الداعيات والأكاديميات السعوديات -اللواتي أطلقن حلقات ودروس القرآن والسنة والتفسير في مصليات كليات البنات في الجامعات السعودية- من هجمة إنما هي انتفاضة أدعياء الليبرالية أعداء مصالح المرأة الحقيقية ضد ظاهرة بروز نساء سعوديات مثقفات وواعيات لحقوقهن الشرعية، قادمات بقوة ليقطعن الطريق على كل عابث ويضربن بعرض الحائط كل ما يخالف تعاليم دينهن.