استنكرت الهيئة العالمية للعلماء المسلمين في رابطة العالم الإسلامي، بشدة، عزم شركة سينمائية إيرانية إنتاج فيلم يجسد شخصية الرسول، صلى الله عليه وسلم. ودعت الهيئة في بيان أصدرته اليوم الحكومة الإيرانية إلى إيقاف تصوير هذا الفيلم ومنع عرض أي جزء منه، فهي مسؤولة عما يتم في أراضيها، وعليها أن تمنع تجسيد شخوص الأنبياء والرسل عليهم السلام، وخاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليه، ففي هذا العمل تجرؤ على مقام النبوة لا يليق بشخص النبي عليه الصلاة والسلام ويتعارض مع توقيره: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمبَشِّراً وَنَذِيراً لِتؤْمِنوا بِاللَّهِ وَرَسولِهِ وَتعَزِّروه وَتوَقِّروه). وأكدت أن في تمثيل ممثل سينمائي شخص رسول الله مفاسد كثيرة ومضار عظيمة، فهو سبيل مفض لتعريض قدره الشريف ومقامه العالي للانتقاص، وقد يعرضه للسخرية والاستهزاء، مما يعد أذية للرسول صلوات الله وسلامه عليه، يستوجب فاعلها اللعنة في الدنيا والآخرة والعذاب المهين (إنَّ الَّذِينَ يؤْذونَ اللَّهَ وَرَسولَه لَعَنَهمْ اللَّه فِي الدّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهمْ عَذَاباً مهِيناً). وشددت الهيئة على حرمة تجسيد شخوص أنبياء الله ورسله، التي هي محل إجماع علماء الأمة وفقهائها والمجامع الفقهية وهيئات العلماء، وقد درست مجالس رابطة العالم الإسلامي هذا الموضوع، وأجمع أعضاؤها على حرمة تجسيد شخص النبي صلى الله عليه وسلم في الأفلام السينمائية وغيرها، ففي شعبان من عام 1391ه بحث المجلس التأسيسي للرابطة إخراج فيلم عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فقرر بالإجماع تحريم ذلك، وفي الدورة الثامنة للمجمع الفقهي الإسلامي المنعقدة في جمادي الأولى 1405ه صدر قرار المجمع بالتحريم،وجاء فيه: (إن مقام النبي صلى الله عليه وسلم عظيم عند الله تعالى وعند المسلمين، وإن مكانته السامية ومنزلته الرفيعة معلومة من الدين بالضرورة، فقد بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وأرسله إلى خلقه بشيراً وسراجاً منيراً… والواجب على المسلمين احترامه وتقديره وتعظيمه التعظيم اللائق بمقامه ومنزلته عليه الصلاة والسلام، وإن أي امتهان له أو تنقيص من قدره يعتبر كفراً وردة عن الإسلام والعياذ بالله تعالى، وإن تخيل شخصيته الشريفة بالصور… لا يحل ولا يجوز شرعاً… وإن قصد به الامتهان كان كفراً)، وفي الدورة العشرين للمجمع لاحظ مجلس المجمع استمرار بعض شركات الإنتاج السينمائي في إعداد أفلام ومسلسلات فيها تمثيل أشخاص الأنبياء والصحابة، فأصدر بياناً أكد فيه على القرار السابق للمجمع، وأكد أيضاً على قرار هيئة كبار العلماء، وفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، وفتوى مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، وغيرها من الهيئات والمجامع الإسلامية في أقطار العالم الإسلامي، التي أجمعت على تحريم تمثيل أشخاص الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، مما لا يدع مجالاً للاجتهادات الفردية التي ترى خلاف ذلك. وقالت الهيئة العالمية للعلماء المسلمين في بيانها إتها وهي تؤكد على واجب المسلمين في الأخذ بقرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية، لتدعو الإيرانيين وغيرهم للتوقف الفوري عن هذه الأعمال، وتذكرهم بالمسؤولية الكبرى أمام الله عز وجل. وأهابت بحكومات الدول الإسلامية، وبمنظمة التعاون الإسلامي، والمنظمات الإسلامية في البلاد العربية والإسلامية، ووزارات الإعلام ووسائلها المختلفة، والأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية، ومجامع الفقه في العالم الإسلامي، للعمل على منع هذه الأفلام، والإعداد لحملة إعلامية كبيرة للتحذير من خطورتها، وبيان إساءتها لشخص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولإخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، سائلة الله أن يرزق الأمة صدق الاتباع، وحسن الاستمساك بهدي النبي المختار عليه الصلاة والسلام، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.