رغم أن شهر رمضان الكريم لا يختلف من بلد لآخر في الصيام والصلاة والعبادات، إلا أن لرمضان في المملكة جوًّا روحانيًّا خاصًّا ربما لا يوجد في غيرها من بقاع العالم الإسلامي؛ وذلك لاحتواء تلك الديار على الحرمين الشريفين. ومع أول أيام رمضان، تعمّ الفرحةُ قلوبَ المواطنين وتهب عليهم نسماتٌ روحية وإيمانية عطرة، فتكثر مجالسُ الذكر، وتكتظ المساجدُ بالمصلين ليلَ نهار، وبعد أذان المغرب تنتشر ظاهرة الإفطار الجماعي، حيث تتناوب العائلاتُ المتفرقة على استضافة الإفطار في بيت واحد بشكلٍ دوريٍ. وعادة أهل المملكة عند الإفطار أن يتناولوا التمرَ والرطب والماء، ويسمونه (فكوك الريق) وبعد وقت قصير من انتهاء أذان المغرب يرفع المؤذنُ صوته بالإقامة، فيترك الجميعُ طعامَهم ويبادرون إلى الصلاة. الأكلات المفضلة بعد الانتهاء من صلاة المغرب ينطلق الجميعُ لتناول وجبة الإفطار الأساسية، التي يتصدرها طبقُ الفول المدعوم بالسَّمْن البلدي، أو زيت الزيتون، حيث لا ينازعه في هذه الصدارة طعامٌ غيره، ولا يُقدَّم عليه شيءٌ. ومن الأكلات الشائعة التي تضمها مائدةُ الإفطار إلى جانب طبق الفول (السمبوسة) وهي عبارة عن عجين محشو باللحم المفروم، أيضًا (الشوربة) وخُبز (التميس) وغير ذلك من الأكلات التي اشتهر أهلُ المملكة بصنعها في هذا الشهر الكريم، وبجوار تلك الأطعمة يتناول الناسُ شراب (اللبن الرائب) وعصير ( الفيمتو). وأشهر أنواع الحلويات التي تلقى رواجًا وطلبًا في رمضان خصوصاً عند أهل المملكة (الكنافة بالقشدة) و(القطايف بالقشدة) و(البسبوسة) و(بلح الشام). وقُبَيل صلاة العشاء والتراويح يشرب الناسُ الشاي الأحمر، ويطوف أحد أفراد البيت – خصوصاً عندما يكون في البيت ضيوف – بمبخرة على الحاضرين. زيارات الأقارب من أهم العادات الرمضانية في المملكة زيارات العائلات والجيران بعد صلاة العشاء، وهناك تقاليد لدى بعض العائلات أن يتم تخصيص إفطار كل يوم من أيام رمضان في منزل أحد أفراد العائلة بشكل دوري بادئين بمنزل أكبر أفرادها، ويقوم البعض بتوزيع عينات من طعام الإفطار على الجيران، فيتبادل الجميع الأكلات فيما بينهم. العبادات وبعد تناول طعام الإفطار يتجه الجميع – رجالاً ونساءً – لأداء صلاة العشاء والتراويح في المسجد، وهناك بكل مسجد قسم خاص بالنساء. أما عن عدد ركعات صلاة التراويح، فهي تُصلى عشرين ركعة في الحرمين، وبعض المساجد تكتفي بصلاة ثماني ركعات، ويختم القرآن في أغلب مساجد المملكة خلال شهر رمضان. ويعقب صلاةَ التراويح في كثير من المساجد درسٌ ديني يُلقيه إمامُ المسجد، أو يُدعى إليه بعض أهل العلم في المملكة. وتنتشر بشكل عام في جميع أنحاء المملكة المناسباتُ الخيرية (البازارات) لجمع التبرعات والصدقات، وتوجه الدعوات للمساهمة في إفطار المحتاجين والمساكين. كما يحرص أهل الخير على إقامة الموائد الرمضانية الخيرية، وتقديم الأطعمة على نفقاتهم الخاصة. أما الماء فيوزع في برادات مثلجة. وفي النصف الثاني من رمضان يلبس كثير من السعوديين ثياب الإحرام لأداء العمرة، أما في العشر الأواخر منه فإن البعض منهم يشد رحاله للاعتكاف في الحرم النبوي أو المكي. وتبدأ صلاة التهجد في مساجد المملكة بعد صلاة التراويح، وتُصلَّى عشر ركعات، يُقرأ من خلالها في بعض المساجد بثلاثة أجزاء من القرآن الكريم يوميًّا، وتستمر تلك الصلاة حتى منتصف الليل أو نحوه. وبعد يوم السابع والعشرين من رمضان يبدأ الأهالي بتوزيع زكاة الفطر، وصدقاتهم على الفقراء والمساكين وابن السبيل، ويستمرون في ذلك حتى قُبَيل صلاة العيد. ومن العادات المباركة في المملكة أيضًا توزيع وجبات الإفطار الخفيفة عند إشارات المرور للذين أدركهم أذان المغرب وهم بعدُ في الطريق إلى بيوتهم، عملاً بسُنَّة التعجيل بالإفطار. نشاط دعوي تُطلق الجهاتُ المختصة والحكومية، كلٌّ في مجاله، نشاطَها الخاص للشهر الكريم، فتكون برامج المحاضرات والندوات والتوعية ضمن لائحة طويلة لجهات دينية، وتكون الجهات الخيرية الأبرز حضوراً من خلال أعمال خيرية، مثل الإفطار الجماعي وتوزيع الصدقات الخيرية وتفعيل التواصل مع الجاليات وتكثيف الدعوة إلى الإسلام، والتواصل مع المحرومين والفقراء وتموينهم بما يكفي لمواجهة تكاليف الشهر الكريم. وتنتشر في المملكة عادة طيبة، وهي إقامة موائد إفطار خاصة بالجاليات الإسلامية والعمالة الأجنبية المقيمة في المملكة، وتقام تلك الموائد بالقرب من المساجد، أو في الأماكن التي يكثر فيها تواجد تلك العمالة، كالمناطق الصناعية ونحوها. كما يحرص الكثير من العلماء على فتح قنوات التواصل مع الجمهور والرد على الاستفتاءات وتقديم المحاضرات والندوات عبر كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.