هب يا جاهلا بالله، يا متتبعًا خطوات الشياطين.. هب أني فسرت الحجاب عن جسدي الطاهر، فتحرَّرتُ ونساء البلدة من التعسف الجائر، وأصبحت تعافه الحرائر قبل العواهر، بل ووُضع في المتاحف والمآثر. وما ذاك إلا لتعتبر النساء من حال المرأة في قرون سلفت، من تعسف كانت تلاقيه جراء لبسها طبقات أقمشة وسُتُر،خوفًا من نظرات الرجل. فالمحرومة لم تعلم أن الرجل ما هو إلا كائن لطيف، فقط يحب أن يتفكر في خلق الله كما أمرنا الله.وليست نظراته كما يصوره المتشددون أنها شيطانية شهوانية. هب أن جميع نساء البلدة خلعن جلابيبهن التي كالخيام، ولبسن البنطال الضيق والقصير العاري تقاليد وأعرافا، فديننا تحكمه الأعراف والقوانين' قبل الشرع والدين. ومن آثرت التنطع سترت شعرها بقطعة قماش صغيرة مُبدية مقدمة شعرها، لأن ديننا حرّم الغش فلابد أن يعرف الرجل شعري أجعد هو أم مسترسل. أما من أحبت أن تعيش الحياة بتفاصيلها المخلة فلتبدي ما تشاء فليس ثمة مشكلة، ولا مشاحّة في التفاصيل. هب أني درست جوار صديقي، فكل المدارس والجامعات لم يعد ثمة عنصرية وتشدد كما كان في سنين مضت، بل الثقة في طلابنا أكبر من أن نضع بينهم الجُدُر. هب أنا أقمنا حفلة جميلة نهاية الأسبوع في بار الحي، شربنا فيها الكأسة حتى ثملنا، واستمتعنا مع أقراننا حتى قبيل الفجر. هب أنا شاركنا في كؤوس وبطولات العالم، ولعبنا معًا في فريق كرة يضم نخبةً من لاعبين ولاعبات. هب أن المرأة أصبحت رجل نفسها، فلا تسلط ولا عنجهية الرجل المغلفة ب(القوامة). هب أن نساء البلدة شغلن وظائف عليا وحساسة، وزارية وإدارية، وباقيهن زبالات وحمالات وسائقات شاحنات وعاملات بناء. هب أن مكاتب الموظفين والموظفات متلاصقة، مكتب زميلي جواري لا يفصل بيننا فاصل، فالثقة أكبر من أن يُسد بيننا بحواجز. هب أني أقود سيارتي بنفسي، فأركنها عند ذاك المتجر لأشتري حاجاتي فأجد بائعين وبائعات لبسوا جميعا زيّا موحدا ليكن منظرهم أجمل وبالطبع سيكون بنطالا لتستطيع البائعة خدمة الزبائن بيسر وسهولة . هب أنه لم يعد دور (رجال الدين) إلا لمسائل الحج والعمرة. وأصبحت (الهيئة) من سالف الزمان. وتآكلت مناهج الشريعة في التعليم العام وكذا عاليه حتى أصبح دراسته كدراسة أصابع الديناصور. وضُمِّن (الإنجيل) المناهج ليتعرف أبناؤنا على الأديان والشرائع السابقة، وأصبح القرآن مركون في المساجد ومع كتب التراث. هب أنك تمشي في الشوارع والحدائق وتلك قد تأبطت صديقها، يرقصان على أنغام الموسيقى الهادئة في حديقة عامة وليس بارًا، فللبار موسيقاه الخاصة. هب أن الفواحش والرذيلة فشت في كل بيت, وهام أولاد الحرام في كل حي وشارع، فتلطخت لَبِنات المجتمع بدنسٍ أنتن ريحها العَطِر بمسك الطهر. هب أن الحرية اللادينية وصلت ذروتها، وانتشر الإلحاد والزندقة بين سكان البلدة، حتى غدا عُرفًا وعادةً لا تُستنكر. هب أنك حين تمشي في شوارع البلدة يُخيَّل لك أنك في شوارع مكسيك أو أختها، فتطرب لذلك وتقول: (حان وقت النوم)؛ لتنم ملء جفنيك، فربما لن تنام بعدها
ربما ذاك! إن لم ينقذك الله بهدايته. إنما الدنيا اليوم جنتك التي فيها نعيمك – شهوتك- ملذتك. تمشي في طريق حُفَّت أرصفته بورد مُشَبَّع أفيونا، تُسكرك الرائحة فلا تعي كيف كان طريقك. بل سلكته وأطلقت لعقلك العنان يغدو ويروح، وجسدك يتخبط في الطريق كبهيمة عرجاء فقدت عيناها وطريقها وعر. يا هذا! ألم تبلغك حقيقة يشيب منها الصبيان؟ وأقضت مضجع من عرف كيف هو لهب النيران؟ ألم يأتك نبأ أسلافك ممن أظلمت بهم اللحود، ونخرهم الدود، ونسيهم القريب قبل البعيد؟ حين موافاة الأجل ، ستصرخ بصوت تسمعه البهم: [رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ]. سيَرت مخططاتك, وحققت أهدافك, وقهرت أعدائك. أو تعلم من تحارب؟ ومن تعادي؟ ولمن تكيد؟ ليس ذوو اللحى ولا الهيئات، بل رب الأرض والسموات! عظيم، عزيز، قوي، قاهر يغار على حرماته أن تنتهك. فاحذر الجبار!