قرأت مقالاً للأخت الفاضلة سهيلة زين العابدين نشر في جريدة المدينة ونشر في مجموعة عبد العزيز القاسم وكان المقال حول شرط وجود المحرم للمرأة . ولي وقفات مع مقال الأخت سهيلة وفقها الله . أولاً : إنني أتعجب من الأخت سهيلة – وهي التي جعلت من نفسها نصيرةً للمرأة السعودية – من حرصها الدائم على نشر مايتعلق بالمرأة من أقوال العلماء المتعلقة بالمرأة والتي جاء النص الصحيح الصريح بخلافها ؟! كما نجدها دائمة البحث في شواذ أقوال العلماء ، والأقوال المرجوحة والضعيفة ، والتي قام الإجماع على خلافها ومن ذلك بحثها حول سن الزواج للفتاة . ومن هنا أقول ما الهدف من نشر مثل هذه الآراء والدعوة إليها . ثانياً: إننا نحسن الظن بالأخت سهيلة ولكن حسن النية والقصد لا يجعل القول صحيح ، وبلغة أخرى ليس حسن القصد مسوغاً لنشر قول – ولو كان القول صحيحاً – إن كان هذا القول له مفاسد ، فكيف إذا كان القول يأتي في سيق حربٍ من قبل الليبراليين على المرأة وتحريرها بزعمهم ، وهم يفرحون بكل قول من أقوال العلماء يدعم أفعالهم لإفساد المرأة !! لأن لديهم القدرة على تحوير الكلام الاستشهاد بكلام أهل العلم ولو كانت تلك الأقوال مخالفة لنصوص العلماء ؟!! فهم كما يقول بعض الفضلاء بحاجة لشيخ يسوغ لهم ما يدعون إليه !! وقد يكون الخلاف في المسالة معتبراً إلا إن من المصلحة الشريعة عدم نشره لما يجر من المفاسد وهذا منهج معتبر ومقرر عند العلماء . ولولا خشية الإطالة لسقت الأقوال في هذا الباب . ولعلي أذكرها هنا بما قاله لها بعض المشائخ : " وسبب تعجبي –بل ألمي!- أن الأستاذة سهيلة بعد هذا العمر المديد والجهد المشكور في عالم الكتابة لم تجن من ذلك سوى ترديد ما نشره العصرانيون ومن نسميهم فقهاء ضغط الواقع في أبحاثهم ودراساتهم، من أفكار شاذة وأقوال باطلة يتلقفونها من هنا وهناك دون ورع أو خوف من خرق إجماع أو مشاقة نص صريح، إنما هو اتباع الهوى –والعياذ بالله- " . ثالثاً : أن الملاحظ على الأخت ومن نهج منهجها هو الأخذ من أقوال الفقهاء بما يوافق أقوالهم ؟! فهاهي تأخذ مثلاً بفتوى العبيكان في جواز سفر المرأة من غير محرم ، ولكن نجدها لا تأخذ بفتواه وغيره ممن استشهدت به في وجوب ستر الوجه ؟!! ( ولهذا فأنا أتعجب من باحثة مثلها ومع ذلك تحتج في مقالها بكلام المخالف فأين الأمانة العلمية ؟! ) .. وهذا مسلك خطير جداً ، وهو يقود للتملص من كثير من الأحكام والأوامر الشرعية في تتبع الخلاف وأقوال الفقهاء من باب الهوى والتشهي . وقد أشتد نكير العلماء على هذا المنهج ( تتبع الخلاف ) . بل اتفق الفقهاء على أن الانتقال إذا كان للتلهي فهو حرام قطعاً ؛ لأن التلهي حرام بالنصوص القاطعة، وذلك كأن يعمل الحنفي بالشطرنج على رأي الشافعي قصداً للهوى . كل ذلك إدراكاً منهم رحمهم لخطورة هذا المنهج . يقول الشاطبي رحمه الله في الموافقات للشاطبي 2 / 386 – 387 : " فإذا صار المكلف في كل مسألة عنت له يتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيها هواه فقد خلع ربقة التقوى وتمادى في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشارعوأخر ما قدمه " . ويقول الأوزاعي: "من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام" ! وتتبع الرخص يترتب عليه مفاسد عظيمة، منها : - أ – الاستهانة بالدين، فلا يكون مانعاً للنفوس من هواها، ومن مقاصد الشرع إخراج الإنسان عن داعية هواه، والقول بإباحة تتبع الرخص فيه حث لإبقاء الإنسان فيما يحقق هواه. - ب- الانسلاخ من الدين بترك اتباع الدليل إلى اتباع الخلاف، ثم إنه لا يوجد محرّم إلا وهناك من قال بإباحته إلا ما ندر من المسائل المجمع عليها، وهي نادرة جداً. - ج- انخرام قانون السياسة الشرعية والجرأة على أمر ولي الأمر والذي أختار هذا القول وجعله مذهباً لهذه البلاد . - ترك الانضباط إلى أمر معروف، فتضيع الحقوق، وتعطّل الحدود، ويجترئ أهل الفساد بحجة أن في الأمر خلاف ؟! - د- إفضائه إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماعهم . رابعاً : أن مسألة اشتراط وجود المحرم في السفر هو من المسائل المختلف فيها بين الفقهاء ، وقد بحثت هذه المسألة في رسالتي الماجستير وهذا البحث وللفائدة هو موجود في المرفقات. ولكن مما يجب معرفته وعدم التدليس فيه أن الفقهاء متفقون على أن سفر المرأة بدون محرم إذا كان فيه فتنة ، أو سيوقع المرأة في محرم فهو محرم قولاً واحداً . والمفاسد المترتبة على سفر المرأة بلا محرم وخاصة في ما استشهدت به الكاتبة ( وهو الابتعاث ) . أقول : المفاسد في هذا الأمر ظاهرة لكل عاقل ، وكم من امرأة سافرة بلا محرم ، أو كانت ممن ذهب معها التيس المستعار ثم عاد وتركها ، أقول : كم من المفاسد التي وقعت جراء التساهل في هذا الباب ؟! وقد كنت في زيارة لبعض الدول الأوربية في أيامٍ مضت ، وكم والله أحزن قلبي تلك القصص المأسوية لبناتنا وهنا يقن فريسة للرجال في تلك البلاد ، بل منهن من تعاقر النصارى ؟!!! ومع ذلك يأتي أمثال سهيلة للدعوة لإسقاط هذا الشرط ؟!!! [ بعض مراجع للتوسع والإفادة : انظر: قواطع الأدلة (5/134)، المستصفى (2/391)، جمع الجوامع (2/400)، الموافقات (5/82)، البحر المحيط (8/382)، التحبير (8/4090)، إعلام الموقعين (4/162)، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام (ص208).مراتب الإجماع (ص58)، جامع بيان العلم (2/927). فواتح الرحموت (2/406). (23) انظر: الموافقات (5/102-103).أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/356)، وإسناده حسن ، بحث تتبع الرخص هشام السعيد ] .