تتوالى هجمات الأعداء متنوعة بين هجوم بالأسلحة التقليدية وهجوم إعلامي وهجوم طائفي وهجوم أُممي عَوْلمي وهجوم اقتصادي وهجوم فكري ثقافي. وكل هذه الأنواع من الهجوم مُنيت بها أمتنا الإسلامية في أوقات متعددة جعلت من المسلمين كالقصعة التي تتداعى عليها الأكلة لتمتص خيراتنا. ولكن الله يقيض لهذه الأمة مَن يستنهض الهمم ويوقف سيل هذه الهجمات، ومنذ أسابيع بدأت معركة الحزم للوقوف في وجه الصفويين الذين امتد خطرهم الماحق في عدة دول من حولنا بحروب أكلت الأخضر واليابس وهتكت الأعراض وشردت الملايين هناك في العراق وسوريا ولبنان، وامتدت إلى أرض اليمن في تمدد شيطاني امتلأ عنجهية وصلفاً وكبراً؛ رغبة في تطويق أرض الحرمين وأرسل الصفويون المجوسُ صيحات التهديد نحو مكة والمدينة. وهنا انبرى خادمُ الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ومن معه ليعلنها عاصفة حزم هادرة مع كوكبة تحالف إسلامي تبارت للدفاع عن مقدسات المسلمين. فكانت هذه العاصفة فاضحة كاشفة لكل ما تضمره صدور الصفويين ضد أهل السنة في كل مكان، لقد أرسلت أبواقها الإعلامية وسفنها لدعم الحوثيين في اليمن، ولا تزال براميلهم المتفجرة تتساقط على المدنيين في مجازر دموية في دمشق، وإبادة جماعية لأهل السنة في العراق، حتى صار العراقي لا يدخل بغداد إلا بتصريح والصفوي يسرح ويمرح كيفما شاء، والحمد لله ما زالت جحافل الجنود تدكُّ معاقلَهم في أنحاء اليمن بتنسيق متكامل وتعاون ودقة وتحسب للطوارئ. ومع معركة الحزم دارت معركة هدم وحسم لمدة أسبوع في أروقة الأممالمتحدة في نيويورك لساعات طويلة حتى ساعات متأخرة من الليل. في دورة ال48 للجنة السكان والتنمية التي وضعت وثيقتها في مؤتمر السكان والتنمية الرابع في القاهرة سنة 1994، وتقوم لجنة السكان والتنمية بمتابعة تنفيذ هذه الوثيقة بما تحوي من مخالفات دينية وفِطرية من إباحة للشذوذ والإجهاض وقتل الأجنة وإباحة الجنس لمختلف الأعمار -خاصة المراهقين- وغير ذلك، وهذه اللجنة تتبع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة التي من خلالها تفرضه على دول العالم. فما الذي حدث؟ في الدورات المعتادة للجنة السكان والتنمية يصدر قراران يتم من خلالهما البناء للدورة التالية بما اتُّفق عليه، بحيث يكون المتفق عليه وثيقةً ملزمة للجميع للعمل بها وتتم متابعة تنفيذها من قِبل الأممالمتحدة. لكن في الدورة ال48 قررت لجنة السكان والتنمية إقرارَ وثيقة يتم من خلالها كفالة حق الشواذ جنسيًّا، وأنهم أقلية يجب إعطاؤها حقوقها المزعومة، وكذلك الإجهاض في الحمل غير المرغوب فيه ولو كان بغير غرض طبي خطير، أي قتل متعمد ونشر للزنا ووأد للبنات والبنين، وأيضاً الدعوة للحرية الجنسية للمراهقين تحت دعاوى شتى. فتكاتفت الأيدي المتوضئة ونشرت حقيقةَ المراد بالمصطلحات الموهمة التي امتلأت بها الوثيقة كمصطلح الصحة الإنجابية ومصطلح الصحة الجنسية التي تشمل ما سبق من إباحة الجنس والجسد وقتل الأجنة ونشر الفاحشة، وتبارى أهلُ الفضيلة لذلك عبر الأممالمتحدة وعبر اللقاءات الجانبية وبدأت الصورة تتضح للكثير وبدأت أستار الظلام تتساقط حتى قيَّض الله رئيسَ الوفد النيجيري ليُلقي كلمة ختامية بعد أسبوع حاسم مُضن بيَّن فيها الرفضَ لما طُرح في الوثيقة، وبالتالي لم يتم التصويت المطلوبُ عليها بالأصوات المحددة للقبول فسقطت الوثيقةُ. هنا كانت معركة حسم وهدم لكنها لن تكون الأخيرة؛ لأن شياطين الإنس سيبدؤون الالتفافَ من جديد في دورات قادمة ولجان عدة، فَهُم لهم أهدافهم، ولهم نفس طويل وهذا يعني لنا القيام بمشاريع تنموية علمية مستمرة، فنحن نعيش أمية علمية ضاربة الجذور في اتفاقيات المرأة وعمل لجان الأممالمتحدة ونعيش تطرفاً علميًّا بفرض مصطلحات وقيم مثل الجندر والنوع الإنساني والصحة الإنجابية وحرية الجسد وتمكين المرأة وغيرها من العبارات التي امتلأت بها وسائلُ الإعلام والكليات الجامعية والمنتديات الثقافية. نحتاج إلى دورات عن ذلك خاصة بالفتيات، وخاصة بالعاملين في التعليم العام والعالي، وموجهة للنخب، وموجهة للإعلاميين. نريد مراكز أبحاث عن المرأة والاتفاقيات عنها منتشرة في بلادنا وفي العالم الإسلامي تجمع المعلومات والإحصائيات وتضع الحلول الفورية والخطط المستقبلية. نريد تواصلاً مع مَن يؤيد ما عندنا من الوفود في الأممالمتحدة ومن الجمعيات الدولية. نريد تصعيداً إعلاميًّا متوازناً لحقائق ما يُطرح في اتفاقيات المرأة. وسيستمر الصراعُ بين الحق والباطل ولكن الباطل سيزهَق بحول الله وقوته.