نظمت جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، متمثلة بطالبات الدراسات العليا قسم الإدارة والتخطيط التربوي (المستوى الرابع) لقاء تربوياً بعنوان: (تجربة حياة وخلاصة فكر) مع صاحبة السمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود "مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن سابقاً"، وذلك يوم الخميس 20 جمادى الآخرة 1436ه الموافق 9 إبريل 2015 في مدينة الملك عبدالله الجامعية للبنات, لتروي فيه تجربتها الإدارية التربوية كرمز للقيادة النسائية، وحضر اللقاء عدد من قيادات الجامعة ومنسوباتها من أعضاء هيئة التدريس والطالبات، وجمع من القيادات النسائية في بلادنا, كما شرفت اللقاء صاحبة السمو الملكي الأميرة موضي بنت خالد. ابتدأ اللقاء بتقديم الباحثة وفاء المبارك كلمة ترحيبية بالأميرة الدكتورة الجوهرة والحضور الكريم، وافتتح اللقاء بآيات من الذكر الحكيم تلتها الباحثة خلود الهاجري، وبعد ذلك ألقت الباحثة شيخة الفارسي من دولة عمان قصيدة بعنوان: (جوهرة القيادة). عرض بعدها فيلم وثائقي لمسيرة الأميرة الدكتورة الجوهرة، تعريفاً للحضور بالضيفة الكريمة وأهم المناصب التي قامت بتوليها على الصعيد المهني (وإن كان المعروف لا يعرف). ثم ألقت الأميرة الدكتورة الجوهرة كلمة تناولت فيها أبرز مراحل حياتها ومسيرتها التعليمية والمهنية وأهم الصعوبات التي واجهتها خلال مسيرتها واستطاعت بفضل من الله أولاً وحسن القيادة والتصرف، التغلب عليها بحلول جذرية وفعالة, قالت فيها: "ولدت في مدينة الرياض.. مرحلة التربيةِ والتكوينِ وأيَا رياضُ وفيهِا البّدءُ والمرتعُ , فيهِا أُرضْعِتُ أنْ لغيرِ اللِه لا أركعُ لا أخضعُ , فيهِا رُبّيتُ بحُسنِ الخُلقِ ألتزمُ إذْ أسمعُ فأُتبعُ مسموعيَ أفعالاً منها لا أشبعُ. أيا رياضُ.. أيا نجدُ وفيها البدءُ والتّكوينُ فيها المجدُ منها العمُّ والآباءُ والجدُ.. بعد انتهائي من جميع المراحل الدراسية وحصولي على الثانوية العامة عام 1390 ه, رغبت بشدة في الالتحاق بكلية الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض حيث كانت الدراسة – آنذاك – للطالبات عن طريق الانتساب فقط, وفي تخصصات محدودة جداً, غير أني لم أتمكن من تحقيق حلمي الذي انتظرته طويلاً لاستكمال دراستي بجامعة الملك سعود إلا أن عزمي لم يلن ولم أركن ليأس أبداً، ودعوت ربي أن ييسر ولا يعسر طريقي لتحقيق ما أصبو إليه. في هذا الوقت، كان الملك فيصل بن عبدالعزيز – يرحمه الله – يتابع مسيرة تعليم الطالبات، ورأى أن تكون للطالبات كلية يتابعن فيها تعليمهن العالي.. فاستدعى الرئيس العام لتعليم البنات عام 1387ه وقال له: "لا بد للبنات من كلية "مثلت تلك الجملة الضوء الأخضر لبدء الانطلاقة المباركة حيث بادرت الرئاسة العامة لتعليم البنات, من تشكيل لجنة عليا لدراسة مشروع إنشاء تعليم عالٍ للبنات, وانتهت اللجنة إلى وضع المشروع موضع التنفيذ بإنشاء أول كلية للتربية بالرياض تحت مظلة الرئاسة العامة لتعليم البنات". التحقت بكلية التربية للبنات عام 1390ه, ومضت سنوات الدراسة في الكلية على نحو متميز، وكان الالتزام الأخلاقي والامتثال للتقاليد قائماً وصارماً. بعد حصولي على البكالوريوس بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف عينت معيدة بالقسم الذي تخرجت فيه. بعد حصولي على الماجستير في تخصص النحو والصرف عينت على وظيفة محاضرة، وبعدها مباشرة عرضت على عميدة الكلية التي أعمل فيها تعييني وكيلة لها، وكذلك عميدة كلية الآداب، ولكنني اعتذرت لهما إذ لم يكن لدي أي تطلعات للعمل الإداري قبل تحقيق هدفي الذي رسمته منذ اليوم الأول لالتحاقي بالكلية, وهو الانتهاء من الدراسات العليا والحصول على درجة الدكتوراه. فقد كان انشغالي الدائم بعملي في الكلية من متابعة لطالباتي وتحضيري لمحاضراتي والتدريس وغير ذلك من مهام لم يترك لي الوقت الاعتراض على أي وضع قد يبدو سلبياً من أوضاع الكلية وكان حرصي شديداً أن تظل علاقتي مع الجميع رئيسات وزميلات خالية تماماً من المشاكل أضف إلى ذلك أنني لم أكن أطمح في تكليف يتجاوز ما كنت أقوم به يومياً وبإخلاص وتفانٍ. أما علاقتي مع طالباتي فقد بنيتها أصلاً على الاحترام والمودة والتقدير المتبادل. وكم كنت أفرح فرحة بالغة عندما أتقابل مع خريجات كنت أقوم بتدريسهن وتفوقن حتى تمكن بفضل الله من الوصول إلى بعض المراكز القيادية في بعض مؤسسات الدولة.. فأكثر ما كان يشغلني أن أقدم للحياة العملية واحدة من هؤلاء اللاتي يتجاوزنني.. لا أنجح في أي واحدة إلا فيمن تجاوزتني، وتمضي من حيث انتهيت ومن الله علي بهذه النعمة فمن طالباتي من تجاوزنني. وبعد جهد جهيد والعمل الشاق تمكنت بفضل الله سبحانه وتعالى من الانتهاء من بحثي للدكتوراه في تخصص النحو والصرف، وتمت مناقشتي ومنحي درجة الدكتوراه، وبعد ذلك تم تعييني على وظيفة أستاذ مساعد. بعد ذلك رأيت ألا غنى عن دورات في التقنية الحديثة, وتنمية الذات والتخطيط الإستراتيجي, وإدارة المؤسسات التعليمية, تحليل المشكلات, إدارة الأزمات وغيرها. لذلك فقد التحقت بالعديد من الدورات التدريبية في مجالات مختلفة. الحياة مع الإدارة أود أن أذكر هنا أن تجربتي في الإدارة قد شملت التعامل والتواصل مع ولاة الأمر والقائمين على جميع مؤسسات التعليمية (أربعة رؤساء عامين لتعليم البنات, نائبين للوزارة, ثلاثة وزراء) هذا بالإضافة إلى الوزارات والمؤسسات الأخرى التي لها علاقة بالعمل الذي كنت أزاوله. وعليه فقد تضمنت حياتي الإدارية ثلاث محطات هامة سأختصرها في نقاط: المحطة الأولى: المدة التي قضيتها في عمادة كلية التربية الأقسام الأدبية في الرياض والتي استغرقت ثلاثة عشر عاماً (من عام 1402ه إلى عام 1415 ). المحطة الثانية: تعييني وكيلة مساعدة للشؤون التعليمية بوكالة كليات البنات من عام 1421 ه إلى 24/3/1428 ه المحطة الثالثة والأخيرة: تعييني مديرة لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن 25/3/1428 ه إلى 24/3/1432 ه وإحقاقاً للحق وحتى لا أبخس الناس أشياءهم فإنني أستطيع أن أقول إن كل عمل تمكنت من تحقيقه، تم بعد توفيق الله سبحانه وتعالى بمساعدة وإخلاص وتفاني جميع الزميلات والزملاء الذين يتمتعون بالكفاءة والقدرة على العطاء بلا حدود, بل أستطيع أن أقول إن الجميع قد أسهم مساهمة فعالة ابتداء من حراس الجامعة، مروراً بأعضاء الهيئتين التعليمية والإدارية والفنية ووكلاء الجامعة وعميدات العمادات المساندة وعميدات الكليات ومديري الإدارات المختلفة والمستشارين وأعضاء المجلس الاستشاري، وجميع من تمت الاستعانة بهم من الجامعات داخل المملكة وخارجها ومراكز الأبحاث, ووزارة التعليم العالي ووزارة المالية وجميع الوزارات والجامعات والمؤسسات التعليمية ذات العلاقة هذا وبعد السنوات الأربع التي قضيتها في إدارة الجامعة ونتيجة لتكوين كوادر وكفاءات نادرة تستطيع المشاركة في قيادة الجامعة بكفاءة عالية، وذلك بعد أن استقر تنظيم الجامعة وتسلسلُ أدائها فقد تقدمت إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يرحمه الله – بطلب الاستقالة وإحالتي للتقاعد. وأتوجه بالتهنئة لجميع نساء المملكة على هذه الجامعة العملاقة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن, هذا الصرح العلمي الشامخ الذي تتنافس فيه العقول وتتفتق الأفكار عن كل ما ينفع الوطن, هذا الصرح الذي تم إنجازه في وقت قياسي, وإنني أعتبر أن اليوم الذي بدأت دراسة الطالبات في مباني الجامعة الجدية يوم مشهود لا في تاريخ الجامعة فحسب, ولكنه في تاريخ المعرفة والعلم والبحث العلمي في المملكة العربية السعودية". واستقبلت سموها عدداً من المداخلات والاستفسارات التي تم طرحها من قبل الحضور، وقد أدار الحوار الباحثة خلود الصالح, أكدت فيها سمو الأمير أن البيئة المحيطة بها كان لها أثر كبير على حياتها خصوصاً تأثرها بوالدها, وفي سؤال حول اتخاذ القرار بعد خبرتها الطويلة أفادت أنه لا بد من التأني في اتخاذ أي قرار حتى مع وجود الخبرة. وأجابت عن سؤال حول إدارة الأزمات بقوله: "واجهتنا في الحقيقة في الوكالة المساعدة للشؤون التعليمية كونك تدرين 102 كلية على مستوى المملكة و280 ألف طالبة و6200 عضو هيئة تعليمية و3100 هيئة إدارية ليس بالسهل الممكن لكن قدر الإمكان إدارة الأزمات أن تشخصي الخلل في كل شيء أن تشخصي القصور أو السلبيات في المكان هي أهم المراحل بعد ذلك يمكنك المعالجة". كما أشاد عدد من الحضور بمسيرة الأميرة ممن سبق وعمل معها كالدكتورة فردوس الصالح زميلة الدراسة والعمل, وعلقت الدكتورة فاطمة القرني عضو مجلس الشورى على الجانب الإنساني للأميرة حيث قالت: "في عام 1408 كانت سمو الأميرة في حفل التفوق العلمي بتبوك، وكانت هي الملهم الأول لاستكمال دراستها العليا, وأشادت بإدارتها في الكلية حين كانت طالبة، وذكرت أن سمو الأميرة كانت ترى العم سلمان (حارس الكلية) أهم عضو في الكلية", وعلقت الدكتورة ست الحسن الجهني قائلة: "إن الدكتورة الجوهرة رمز للإدارة, وقد تعلمت منها في الإدارة أن أتبع أسلوب ونظرية الأميرة الجوهرة في الاتصال الأفقي بمعنى أن جميع رئيسات الأقسام يقومون باجتماع غير رسمي لمتابعة الأعمال والمنجزات", كما كان للدكتورة أمل فطاني "المستشارة والمشرفة على الشؤون النسائية بوزارة التعليم (شؤون التعليم العالي)" إشادة في بداية تعيينها في منصبها حين استشارت سمو الأميرة في خطواتها المقبلة, وقد مازحت سمو الأميرة الحضور قائلة: "أريد أن أسمع صوت بناتي حفيداتي في القيادة" قاصدة بذلك طالبات الماجستير قسم إدارة وتخطيط تربوي (مستوى رابع), ونال إعجاب الأميرة الدكتورة الجوهرة والحضور الكرام مداخلة للطالبة نهى العنزي طلبت فيها رأي سموها عن مدى التزام الطالبات بتطبيق أنظمة الجامعة وقوانينها بين الأمس واليوم، حيث كان قديماً تعرف كلية التربية بكلية التربية العسكرية من شدة التزامها بالأنظمة؟ وأجابت سموها ابدئي التغيير فيك أنت أولاً. واختتم اللقاء بتقديم درع تذكارية لسمو الأميرة يحوي عدداً من العبارات صاغتها بناتها الطالبات؛ شكراً لها وتعبيراً عن مدى سعادتهن بحضورها، وأملاً في استضافتها في مناسبات قادمة بمشيئة الله.