في زخَم الأحداث والصراعات والنزاعات يتخلَّلُ قلبَ المرء شيءٌ من الحزن والغم؛ لِما تلامسُه عواطفه ورُوحُه من قتْل وتدمير وتشريد للأبرياء، فيجهش بالبكاء كالطفل الرضيع، ويتذكَّر أيام الماضي لَمَّا كان الحبُّ والعطف غريزةً لكل إنسان يحمل في جوفه قلبًا حيًّا، وما أجمل تلك الحياةَ لا تمل ولا تفتُرُ من العيش كالبلبل يغرِّد مع كل صباح ليوم حافل بالسعادة والهناء والصفا. وفي صعاب الحياة وقلةِ المال، تتهاوى إلى أذنيك مسامع مآسي ومشاعر آلامٌ خلت نهايتها وطويت صفحتها، وبدأت بفجر مليءٍ بالإنجازات والإبداعات، فيا أيها الماضي عُدْ إلينا بلمسَاتِكَ الحانية، وشجونِكَ الخافتة في سرداب الحياة؛ فالحنين إلى الوراء ينبري بالرسوم والخواطر الجميلة والبريئة. فنحن في زمن قلَّة الوفاء والأوفياء، والوئام والتلاحم، والوحدة واللُّحمة، من أجل دينارٍ ودنانير، مُلِئ الكون زخماً من الخيانة والكذب، والغدر والبُغض، فنسينا الدين والدنيا. نسِينا كلَّ ما تعلمنا من أخلاقٍ تزيِّن المرء، وما تربَّينا عليه من فضائل تنوِّر دربَنا، فيا للعجب العجاب. بالأمس القريب كنا قد تعاهدنا أن لا للحياة بدون السمو والرقي، وتجاهلنا عهدنا وسرنا نحو سفاسف الأمور، فعجَزنا من تقدُّم وتفوق بعد ما كنا نصدر العلم والمعرفة لكافة الدنيا. فيا رب العالمين بصِّر دربنا، ونوِّر سَيْرنا، وافتح قلبنا، وحبِّب إلينا كل خير ومفيد، وباعد بيننا وبين الشر، كما باعَدت بين المشرق والمغرب، واهدنا لأحسنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، أنت وليُّنا ومولانا. للكاتب : زكريا مولوي سعيد حسين محاضر بالجامعة الإسلامية بمنيسوتا -أمريكا