يتبادر إلى ذهنك أن تغيّر من شكلك، لون شعرك مثلاً، نمط هندامك أو (ستايلك) المعروف والمعتاد عليه، أكلك المفضّل، مكان تنزهك… الخ من الأمور السطحية التي من الممكن أن تكون جزءاً بسيطاً وظاهريّاً مما أعنيه، ولكن ما أرمي إليه وأقصده أعمق من ذلك بكثير، هو أمر لا يرتاح إلا أن يقضّ مضجعك، ويرهق عيناك التي لا يفارقها بريقُ سحريُّ جذّاب رغم تلويحة هالاتٍ سوداء لا تلقي لها بالاً لِعِظَمِ الأمر، كيف لا وهو سينقلك من وضعك الحالي الذي اعتدته إلى وضع آخر مختلف تماماً ترغب أن تكون عليه، ولكن ما يعوقك هو دوّامة تجتاح عقلك تقاومه وتخشى منه وتبرر لك أنه صعبٌ جداً وأنّك لا تقدر عليه، حتى يصل بك لاستحالته واستحالة عمله! وما يحصل هو أمر طبيعي لأنه اعتاد على الاستقرار-ذلك الاستقرار السلبي الذي لا يحرّك ساكناً ولا يدفعك لعمل شيء – وحتى تتمكن من الانتقال والوصول، يلزمك أن تحدث ثورة على المألوف بداخلك، وتغالب ردّة فعل عقلك التي ما هي إلا بمثابة ضوء أخضر لحصول هذا الأمر الذي ترغبه ألا وهو (أن تتغيّر). نعم تتغيّر أنت حتّى يغيّر الله ما بالناس فقد قال عزّ وجلّ ” إِنَّ الله لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ” [الرعد:11] تتغيّر أنت لتكون التغيير الذي تريد أن تراه في العالم، ولأجل تغيرات العالم السريعة من حولك وحدوث الثورة المعلوماتية والتقنيّة والاقتصاديّة، أيضاً ثورة العولمة الاجتماعية والسياسية وغيرها. وحتى تكون قائداً للتغيير: كن حالماً بفكرك وتخيّل المستقبل، فكّر بعمق وحللّ المواقف المختلفة واستفد من النتائج لمواقف مستقبلية مشابهة، تصرّف بحكمة وفطنة وذكاء، أؤمن بالتغيير والتطوير الذي تسعى إليه، حفّز ذاتك ونمِّ قدراتك ومهاراتك بشكل مستمر، عامل الآخرين بالعدل والإحسان، ثابر وغامر وخاطر وتعلّم من التجارب التي تمرّ بها، لا تفرض رأيك على الآخرين بل حاورهم وأقنعهم وحفّزهم وادفعهم للإنجاز والتغيير، ثق بنفسك ولا تتردد في اتخاذ قراراتك، وأخيراً تحلّى بالصبر، وقاوم العقبات والعوائق التي لا تألو جهداً أن تقف في طريقك، ولكي تخفف من وطأة هذه العقبات كقائد التغيير اجعله يمر على ثلاث مراحل سمّاها الدكتور محمد المحمدي (مرحلة التخلية ثم مرحلة التحلية وآخرها الثبات). حيث إن التخلية “هي تخلية النفس من كل الأوضاع غير المرغوبة سواء على مستوى الفكر أو الرغبات أو العادات والسلوك… الخ”. أما التحلية “فهي تحلية النفس بمكارم الأخلاق والسلوك الحسن”. وأما الثبات “أن تظلّ مستمسكاً ثابتاً على مبدأ التغيير والتطوير والتحسين المستمر للأفضل والوصول للوضع التغييري الأمثل”. الكاتبة: خولة يحيى القحطاني