لا أخفي تفاجئي عنكم من أولئك المنكرين لنسب أبنائهم مع علمهم التام بوجود رابطة الدم بينهم، أي يعلمون أنهم من أصلابهم، ومع ذلك يتهربون من كل ما يثبت ذلك! أبطل الشارع الحكيم ما كان يجري عليه أهل الجاهلية من إلحاق الأولاد عن طريق العهر والزنا، وقد جعل لنشوء النسب سبباً واضحاً هو الاتصال بالمرأة عن طريق الزواج الصحيح، وهذا ما جاء تأكيده من السنة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم “الولد للفراش وللعاهر الحجر”. وفرض سبحانه وتعالى إقامة الحدود الشرعية كحد الزنا لتطهير المجتمع من الفسوق واختلاط الأنساب الذي يجعل من إثبات النسب في بعض الحالات أمراً مستعصياً. ونحن كمجتمع محافظ علينا تجنّب ما يغضب الله ونقتدي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج). كما وضّح النظام حق النسب في المادة الثالثة من النظام السعودي لحماية الطفل: “أنه يعد إيذاء أو إهمالاً للطفل: حين إبقائه دون سند عائلي، أو عدم استخراج وثائقه الثبوتية”. من الآثار والحقوق المترتبة على الزواج ثبوت النسب للأولاد لقوله تعالى: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة). فالنسب حق من الحقوق الشرعية التي لا يصح للزوجين أن يتفقا عند عقد الزواج على نفيه. كما شهدت المحاكم العديد من الحالات التي انتهت فيها إلى إثبات النسب، حرموا فيها الأبناء من نسبهم لمدة تصل إلى 23 سنة وأكثر على حسب كل حالة مما تسبب في حرمانهم من التعليم والعمل والعلاج، وهناك حالات يحكم فيها القاضي بثبوت النسب جبراً، فيكون منصوص في وثائق الابن ما يُوضح إنه التحق بهذا النسب من غير رضا الأب. فتعتبر رابطة النسب على جانب كبير من الخطورة! وتتصف بأنها إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل، لأنه بثبوت النسب ينتج للأولاد حقوقاً منها: حق النفقة، الرضاعة، الحضانة، والميراث وغير ذلك من الحقوق التي منحها الشرع ونظمها القانون، فإن لم يتم إثبات النسب سيكون سبباً في حرمان الأولاد لهذه الحقوق، وأن في إثباته رفع للظلم ويدفع به عن نفسه الذل والضياع وفي إنكاره على الرغم من صحته وصمة عار مزيفة لطفل بريء لم يفعل ما يجلب ظلم الظالمين. ومن رأيي إن إنكار النسب تعتبر جريمة بلا عقاب، فهناك آلاف الأطفال والأمهات يمضون سنوات في المحاكم بغيةً لإثباته، ويعانون الزوجات من أزواجهم بسبب إنكارهم لنسب طفلهم ورفضهم استخراج شهادة الميلاد ليتجنبوا مطالبتهم بالإنفاق عليه. منار محمد الطويرش.