15 يوماً كانت تفصل الشاب خالد بن هزاع الحربي، ذا الثمانية عشر ربيعاً عن موعد تنفيذ القصاص فيه بالسيف، بعد تورطه في جريمة قتل شاب قبل أربع سنوات، لكن حملة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" حولت محنته إلى قضية رأي عام بامتياز وأنقذته في النهاية. المدافعون عنه يقولون إنه قتل "دفاعاً عن النفس والعرض"، وقد أطلقوا حملة واسعة تنتصر له. التحول الكبير الذي طرأ على القضية، التي كان من المقرر أن ينفذ حكمها في 29 رمضان الجاري، طلب أولياء الدم دية 30 مليون ريال سعودي، ما فتح الباب أمام رحلة النجاة لخالد، وكان من الأدوات الرئيسية في تحقيق ذلك موقع تويتر، الذي أضحى في حياة السعوديين أحد وسائل توجيه وإثارة الرأي العام. واستطاع تويتر تحويل "الدعم الإلكتروني" إلى دعم ميداني عبر حملات شعبية قادها في مختلف مناطق السعودية وجهاء قبائل ورجال دين معروفون، تساندها حملات إعلامية، كانت الوسائل الإلكترونية التواصلية اللاعب الأساسي فيها. يقول رئيس الحملة الشيخ عبد الرزاق المنور: إن "عدالة قضية خالد لاقت تعاطفاً كبيراً من أطياف عديدة من المجتمع، أضف إلى ذلك صغر سنه، وأنه يتيم الأب ووحيد أمه". وبدأت الحملات قبل 43 يوماً تقريباً لتنطلق رحلة "تنظيم الحملة" بأطر محددة تتسم بالدقة عبر لجان عمل تحركت بشكل مكثف وباجتماعات متواصلة. وبفضل هذه الحملات تجاوزت حملة التبرعات المبلغ المطلوب بزيادة 12.5 مليون ريال، كما يقول المنور، الذي أكد أن الأموال الإضافية ستعاد إلى أصحابها فوراً. يختم المنور حديثه "لقد تنفسنا الصعداء، والشكر لكل من ساهم في عتق رقبة خالد، من جميع القبائل". وسيفرج عن خالد مطلع الأسبوع القادم بعد الانتهاء من الإجراءات الرسمية في محافظة حفر الباطن. وقبل يومين، وتحديداً في الأول من الشهر الجاري، كانت إحدى قاعات الأفراح في شرق المدينة الساحلية جدة، تختتم حملة تبرعاتها، واستطاعت جمع المبلغ المتبقي "12 مليون ريال"، ليغرد بعدها أحد مسؤولي الحملة الرئيسيين ويدعى "سلطان بن بندر الفرم" في حسابه بتويتر قائلاً: "أعلن والحمد الله تجميع مبلغ الدية.. وتم إعتاق رقبة خالد الحربي، كفو بحرب (أنعم بقبيلة حرب) وأهل الخير جميعهم". حسبما تناولته (الجزيرة نت). لم يكن تويتر وحده سيد الموقف، بل كان لوسيط التواصل الهاتفي المجاني في أجهزة الهواتف النقالة المعروف ب "الواتس آب" نصيب مهم، فقد أطلقت عبره رسائل حفّزت على التبرع لحساب رصد للقضية، إلى جانب مقاطع فيديو قصيرة لعلماء دافعوا عن عدالة قضية خالد. رافق كل ذلك كم هائل من حجم الإعلان المرسل لإنقاذ خالد مع صورة مرفقة للشاب، ليتحول "الواتس آب" بعد نجاح الحملة إلى تبريكات وتبادل لصور المتبرعين والشيكات وقلائد الذهب التي كانت حاضرة في الحملة. لم تخل الحملة رغم نجاحها في تجميع الدية من انتقادات واسعة من الناشطين الحقوقيين. وقال هؤلاء إن هذه الحملات "تشجيع مبالغ فيه لمن يتاجرون بالدية"، إذ تجاوز المبلغ المطلوب ما نص عليه القانون السعودي، الذي حدد الدية ب 400 ألف ريال للقتل العمد وشبه العمد. وقال الناشط الحقوقي سلمان العويرضي من الرياض: إن مثل هذه المبالغات ستفتح إشكاليات كثيرة مستقبلاً، خاصة أن هناك قضايا عتق حالية بدأت تأخذ النهج السابق نفسه، واعتبر أن ذلك "يضر بالسلم الاجتماعي ومخالف للقواعد الشرعية". ربما انتهت قضية خالد، لكن هناك بعدها مباشرة ملف آخر لابن ال 16 عاماً سامح الرويلي، السجين منذ ثلاثة أعوام بمنطقة الجوف المجاورة للأردن، والذي ينتظر هو الآخر تنفيذ القصاص فيه في 26 رمضان بسبب خلاف أدى لمقتل شاب يمني. وقد طلب ذوو القتيل دية 28 مليون ريال، والسؤال الآن: هل يكون العتق لسامح كما كان لخالد؟