– سورة محمد (12) – تأملت هذه الآية وأنا أنظر إلى عدد لا يستهان به من الغربيين، جمعني بهم مؤتمر.. بعضهم من المشاركين في المؤتمر، وأغلبهم من النزلاء السياح لجزيرة كريت اليونانية. رأيت كيف يأكلون ويتمتعون (حسب فهمهم للمتعة!)، ورأيت كيف أن غياب الدين بالنسبة للناس مأساة فهم أقرب للأنعام، بل الأنعام أفضل منهم؛ فهي تسير حسب ما جبلت عليه، تأكل وتتناسل كجزء من تركيبتها وفطرتها، أما الإنسان فالمتوقع أن يكون عبداً لله، طائعاً منيباً لخالقه، ذاكراً ومسبحاً لفاطره.. وجدت قوماً يأكلون بشراهة (الطعام مجاني بالكامل!) ويشربون بإسراف.. يتناولون فطوراً كاملاً دسماً منوعاً قريباً من التاسعة، وفي الحادية عشرة يتناولون وجبة تسمى بالخفيفة (وهي ليست كذلك، حيث تحوي: البطاطس، والحلويات، والمكسرات) وقبل الواحدة يهجمون على المطعم يتناولون ما لذ وطاب من طعام الغداء.. يتناولون كميات كبيرة كأنهم في مجاعة! أو كأنها وجبتهم الأخيرة قبل الإعدام…!! في الرابعة يتناولون وجبة ثانية خفيفة (بيتزا، وسندويتشات، وبطاطس، وكيك!…) أما الوجبة الأخيرة في السابعة (أو قبلها بقليل) فهي القاصمة يعبون من الطعام والشراب عباً، ويقضون فيها وقتاً طويلاً قد يجاوز الساعة، ولا تنسى المشروبات وأغلبها كحول (خمور)، فضلاً عن المشروبات الغازية والعصائر…. أثناء النهار الطويل لا يتوقفون عن الشراب بأنواعه، سواء الساخن كالشاي، والقهوة، فضلاً عن المثلجات، والعصائر، والمشروبات الغازية، والبيرة (بالكحول)… بين الوجبات أثناء النهار يمارسون رياضة التأمل (آسف اقصد "التبطح" تحت الشمس المحرقة!) أو أحياناً السباحة؛ (لغرض حرق السعرات الحرارية استعداداً للوجبة التالية!). في آخر النهار، يمارسون رياضة غريبة (بعد الثامنة حتى قرب منتصف الليل) ألا وهي شرب البيرة (مجاناً بالطبع!) حتى تنفطر قلوبهم وعقولهم، فيخلدون للنوم بل يسقطون صرعى على الفرش، وهكذا دواليك في الأيام التالية. الصغار والصبية لا يختلفون عن والديهم كثيراً، اللهم إلا في عدم تناول الخمور، وبعض الحركة هنا وهناك، أو السباحة المستمرة. شاهدت حالهم، وتذكرت الحديث الشريف: "ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه…) رواه الترمذي، وصححه الألباني. وفي الحديث عن ابن عمر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "الكافر يأكل في سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل في معًى واحد" رواه مسلم. يحكى أن إبليس – لعنه الله – عَرَضَ ليحيى بن زكريا – عليهما الصلاة والسلام – فقال له يحيى: هل نلت مني شيئاً قط؟ قال: لا، إلا أنه قُدم إليك الطعام ليلة فشهيته إليك حتى شبعت منه فنمت عن وردك. فقال يحيى: لله علي أن لا أشبع من طعام أبداً. فقال إبليس: وأنا لله علي أن لا أنصح آدمياً أبداً.