أ. د. أحمد بن عبدالله الباتلي. تنتشر بعض العبارات التي تعد من المناهي اللفظية في وسائل التواصل عند نزول المطر؛ فينبغي التنبيه عليها، والتحذير منها، وهي: – 1 – الدعاء بنزول الغيث على القبور وأهلها كقولهم: * اللهم أمطر على قبور موتانا * اللهم كما سقيت الأرض بمطرك اسقِ قبورهم * عسى المطر يسقي ضيوف المقابر * ويغفر ذنوب أحبابنا والقرابة…. هذه الأبيات وهذه الأدعية فيها شرك والله أعلم إذ كيف المطر يغفر الذنوب وكيف يسقي القبور؟!! & والميت في قبره لا ينتفع بالمطر؛ الذي ينفعه الدعاء والصدقات ونحوها… ووقت نزول المطر من مواطن الإجابة في الدعاء قال صلى الله عليه وسلم:(ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر) – رواه الحاكم وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3078) 2 – قولهم: انشقت السماء. ومن المعلوم أن السماء لا تنشق إلا يوم القيامة؛ قال تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ) 3 – قولهم: جاءنا مطر جور!! والجور هو الظلم، وهذا لا يجوز في وصف نعمة الله. فالمطر رحمة من الله: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ) وكان عليه الصلاة والسلام يقول: إذا نزل المطر: (رحمة). مسلم وكان يقول: (مطرنا برحمة الله، وبرزق الله، وبفضل الله). البخاري. 4 – قولهم: سيل جبار، وهذا فيه عدم توقير فضل الله علينا: (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً) 5 – قولهم: ما ندري من وين جاء هذا المطر؟!! وهذا سؤال لا يليق، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لكم منه شراب) 6 – قولهم: جاءنا مطر ماهوب صاحي!! وهذا لا يجوز في حق الله الذي امتن على عباده بقوله: (وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً) 7 – يقول بعضهم: خرب علينا المطر. وهذا من سب المطر ولا يجوز، والناس تفرح به وتستبشر بنزوله؛ قال تعالى: ( فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) 8 – عيد السيل، وهذه مناسبة يجتمع فيها بعض الناس، ويحضرون بعض الأكلات الشعبية ويسمونها (عيد السيل) وهذه تسمية مُحدثة، يُخشى مع الأيام أن يظن أنها مشروعة!! 9 – زفة السيل: وهذه لا تنبغي؛ وليست من شكر النعمة، والمطر يُستقبل بالدعاء المشروع. 10 – يقول بعضهم: ليش ماجانا مطر؟!! وهذا فيه اعتراض على قدر الله عز وجل. قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ). – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا مِنْ عَامٍ بِأَقَلَّ مَطَراً مِنْ عَامٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيُذكروا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاً كُفُوراً). رواه الحاكم في “مستدركه” (3520). وقال “صحيح على شرط الشيخين “ووافقه الذهبي. * وعن ابن مسعود يرفعه قال: ” ليس من سنة بأمطر من أخرى، ولكن الله قسم هذه الأرزاق، فجعلها في السماء الدنيا، ينزل منه كل سنة بكيل معلوم ، وإذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعاً صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار” ذكره السيوطي في ” الدر المنثور ” (5 / 73) وعزاه للخرائطي في {مكارم الأخلاق}. قلت: وهذان لهما حكم الرفع؛ لأنها لا تقال من قبيل الرأي والاجتهاد. ويستفاد من ذلك: أن كمية المطر في كل عام واحدة لكن تصريفه يختلف على البلدان.
11 – يقول بعضهم: لا تقولوا المطر؛ وقولوا: الغيث..!!! ويستدلون على ذلك بأن المطر ومشتقّاته يُذكر غالباً في القرآن الكريم؛ حين يُذكر العذاب والعقاب للأقوام الكافرة؛ والغيث يُذكر للرحمة والخير… ؛ وهذه ليست على إطلاقها؛ والصحيح أنه لا فرق بينهما؛ لحديث (مطرنا بفضل الله ورحمته) البخاري. وكثيراً ما ترد في الأحاديث: أصابنا مطر… وإذا نزل المطر قال (اللهم صيباً نافعاً) البخاري. 12 – يقول بعض الفلكيين أو المتخصصين في الأحوال الجوية: سينزل المطر غداً. وهذا لا يجوز؛ فنزول الغيث من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ…) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله) البخاري. وعليهم أن يقولوا: يتوقع بمشيئة الله نزول الأمطار يوم كذا.. وحبذا عدم المبالغة في ذلك؛ لتكون القلوب متعلقةً بالله عز وجل. هذا ما تيسر ذكره.