"حرية الرأي والتعبير" كلمة يلطم بها المسلمون كلما اعترضوا أو احتجوا أو علا صوتهم رفضاً للإساءة لنبيهم ومقدساتهم، بينما يساق من يعترض على الخطوط الحمراء الغربية إلى ساحات المحاكم، وأهمها ما يتعلق بالابن المدلل "الكيان الصهيوني" ولو بالتشكيك في أرقام ضحايا المحرقة، وما يرتبط كذلك بتأييد مقاومة الاحتلال سواء كان في فلسطين أو العراق أو غيرها. استفزاز للمسلمين ففي تعمد واضح لاستفزاز المسلمين، قالت صحفية فرنسية من أصول عربية تعمل في صحيفة "شارلي إيبدو" زينب الغزوي، بعد الهجوم الذي تعرضت له الصحيفة على خلفية الرسوم المسيئة للنبي، "أنه من حق الصحيفة أن تسيء للأنبياء وللذات الإلهية عبر رسمهم بشكل ساخر وعلى رأس الأنبياء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم". وقالت الصحفية في برنامج "شباب توك" على قناة "DW عربية":"نحن لا نرى فرقاً بين أن نرسم ساركوزي أو البابا أو أنفسنا أو الأنبياء أو الله، هذه مجرد رسوم ساخرة". وفي الإطار ذاته قالت الولاياتالمتحدة على لسان نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية ماري هارف، إن صحيفة شارلي ايبدو الساخرة لها الحق "تماماً" في نشر صور للنبي محمد في عددها الأخير "رغم احتجاج بعض المسلمين". تناقض ورغم أن هذا الحديث بدعوى حرية التعبير إلا أن البيت الأبيض، أعلن أنه لن يسمح بأي آراء تعادي الصهانية معرباً عن مخاوفه حيال موجة من "معاداة السامية" في أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً، وقال رئيس مكتب البيت البيض دنيس ماكدونو أمام مئات الأشخاص المجتمعين في كنيس كبير في واشنطن لتكريم قتلى هجوم باريس "لن نضعف في التزامناً بمكافحة آفة معاداة السامية". وفي السياق ذاته كشفت صحيفة "ديلي تلجراف" البريطانية، عن أن رسام كاريكاتير فرنسياً سيقدم للمحاكمة يوم الثلاثاء المقبل؛ لرسمه ابن الرئيس السابق نيكولاي ساركوزي معتنقاً اليهودية من أجل المصلحة الشخصية والإثراء المالي. وتقول الصحيفة إن رسام الكاريكاتير موريس سيني (80 عاماً)، الذي يسمى "ساين"، متهم بمعاداة السامية، ويواجه تهماً "بالتحريض على الكراهية"؛ بسبب مقال نشره في صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة في يوليو الماضي، رغم أنه تم عزله بسببه. وكان التعليق الساخر المتسبب في عزل الصحفي من وظيفته وتقديمه للمحاكمة قوله "سيعيش ذلك الشاب الصغير حياة فارهة" تعليقاً على الشائعات التي قالت إن ابن ساركوزي سيعتنق اليهودية، ما اعتبر أنه تشهير باليهود ونجاحهم الاجتماعي والمادي. وفي قضية مشابهة، أوقفت شرطة باريس الفكاهي الفرنسي المثير للجدل "ديودونيه" في إطار تحقيق بتهمة "الإشادة بالإرهاب" بعد هجمات فرنسا الأسبوع الماضي، رغم إعلانه أنه شارك في المسيرة الرافضة للهجوم على "شارلي إيبدو". وفتح القضاء الفرنسي تحقيقاً قضائيا ضد الفكاهي المثير للجدل بعد تصريح له قال فيه "أشعر أنني شارلي كوليبالي"، خالطا بين اسم المتهم بقتل شرطية وأربعة يهود في تلك الهجمات وشعار "أنا شارلي" الذي يرفعه المتظاهرون في فرنسا وبلدان أخرى حول العالم منذ أسبوع. وسبق أن أدين ديودونيه قضائياً بسبب تصريحات "معادية للسامية"، وكانت نيابة باريس فتحت تحقيقاً بتهمة "الإشادة بالإرهاب" نفسها في مطلع سبتمبر الماضي بعد نشر فيديو للفكاهي وهو يسخر من إعدام الصحافي الأمريكي جيمس فولي بقطع الرأس على يد تنظيم "الدولة الإسلامية". كل هذه الملاحقات القضائية قد يجدها المواطن الغربي إذا كشف عن آرائه وهو في بلده التي تتشدق بالديمقراطية والحرية، أما لو كان في بلد عربي محتل، وقرر المقاومة بالسلاح أو حتى الكلمة، فمصيره مثل مئات الآلاف قضوا في قصف على بيوتهم في فلسطين أو العراق أو أفغانستان، أو غيبوا لسنوات طوال في جوانتامو أو باجرام أو أبو غريب، ليعذبوا على أيدي دعاة الحرية.