تعلمنا في الصغر أن حروف الهجاء ثمانية وعشرون حرفاً تقع بين الألف والياء، ومنها تتكون الكلمة التي هي في اصطلاح النحاة اللفظة الواحدة التي تتركب من بعض الحروف الهجائية وتدل على معنى مفرد. وحينما كبرنا أدركنا ما لم نكن ندركه صغاراً بأن للكلمة أهمية عظيمة، وتأثير بالغ، وخطورة كبيرة، وخاصةً إذا ما تُركت بدون حساب ولا رقابة ولا استشعار للأمانة والمسؤولية. فالكلمة التي هي ثلاثة أقسام أمانة ورسالة ومسؤولية، فمنها الاسم الذي يدل على مسمى، والفعل الذي يدل على حدث، والحرف الذي يُكمل المعنى. ومن نبع إيماني بخطورة الكلمة، وأهميتها وبين الاسم والفعل والحرف سنعيش معاً – بإذن الله – سلسلة مقالات متتالية، تبدأ كل مقالة منها بحرف من حروف الهجاء حسب ترتيبه، نؤصل فيها لقيمة مهمة، وخلق سامٍ، وسمة أساسية من سمات الإعلامي الناجح، الذي يدرك قيمة الكلمة التي يخطها بقلمه، أو ينطقها أمام كاميرا، أو ميكروفون، ويؤمن مثلي بأهميتها وخطورتها على الفرد والمجتمع. فالكلمة مفردة التخاطب والإعلام.. وبريد القلب والإحساس.. ونبض النفس والمشاعر.. وشاهد الضمير.. ولسان القضاء.. وأداة العلم.. ورسول المعرفة.. وسفير الحضارة.. وثمرة اللسان.. وأداة البيان.. ودليل الصدق.. ومؤنق الأسماع. وتأتي هذه المقالات لأشارك زملائي الإعلاميين استشعار عظم الكلمة وأهميتها وتأثيرها على متلقيها قبل نطقها أو كتابتها.. فكم من كلمةٍ أفرحت وأبهجت وأسرت! وكم من كلمة أحزنت وأغضبت وآلمت! فالإعلامي طالما قبِل أن يتحمل هذه المسؤولية ينبغي أن يدرك أن الكلمة رسالة بها تؤلف القلوب.. وتصلح النفوس.. وتذهب الحزن.. وتزيل الغضب.. وتشعر بالرضا والسعادة؛ لا سيما إذا رافقتها ابتسامة صادقة. فالكلمة مسؤولية شأنها عظيم وخطرها جسيم، فقد تثمر عملاً صالحاً وتفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر.. نتائجها مفيدة.. وغاياتها بناءة سامية.. فلا يستخفن أحد منكم بالكلمة لأنها أمانة. فهي شعار قائلها.. وسر خلوده.. ومناط ثوابه وعقابه، فبكلمة صغيرة ربما تغيث ملهوفاً، وقد تصبح هي بارقة الأمل لفاقدي الأمل.. أو لمسة حانية لمن قسا عليهم الزمن.. أو خطاب شكر وشهادة وفاء لأصحاب الفضل.. أو عبارة اعتذار لشخص أخطأنا في حقه.. أو لبنة بناء ومبعث فخر لوطن نعيش تحت سمائه وننعم بخيراته ويستحق منا الكثير. م. رياض بن ناصر الفريجي @riyadhtopmedia