يعاني البعض من تحول حالته النفسية من حسن إلى سيئ بشكل سريع؛ وذلك بسبب تصرف لأحدهم، أو قول لإحداهن! فتراه بعد أن كان مقبلاً بكل سرور ومرح، والابتسامة تعلو وجهه، وحيويته تلفت الأنظار؛ إذ به ينقلب رأساً على عقب، ويتحول من هذه الحال الرائعة إلى حال من الحزن والأسى، وتعلو مسحة الكدر على وجهه ظاهرة، فيخيّل إليك أن مصيبة كبرى قد نزلت به، أو أن فاجعة حلت بأهله أو بداره، وإذا بك تدرك أن شيئاً من ذلك لم يحدث! وأن هذا التحول والتغير كان بسبب تصرف خاطئ أو قول غير مناسب ألقاه أحدهم غير عابئ بصاحبنا، فأخذ الموضوع بشكل أكثر جدية، وأصابه الحزن والأسى من جراء ذلك. ومثله حال الرجل المستقر المسترخي، الذي يسهل استفزازه بكلمة أو تصرف، فيخرج من جراء ذلك عن طوره وسكونه، فيقول قولاً غير متزن، وتنتفخ أوداجه، ويجري دم الغضب في عروقه، تحت ضغط الحالة التي تعرض لها. وهؤلاء الذين يتغيرون بسرعة من جراء المتغيرات الخارجية يفتقدون غالباً السكون الداخلي، وتصبح حالتهم المزاجية مضطربة، ومرهونة بالآخرين حزناً وفرحاً. وهذا في الحقيقة من أكبر الأخطاء؛ لأنك – والحالة هذه – تعطي الآخرين نفوذاً واسع النطاق، وإمساكاً بزمام حالتك النفسية – شعرت أو لم تشعر – وحين تفقد السيطرة، فيمكنك أن تقول أو تفعل ما تندم عليه بعد سكون العاصفة. ورسالتي للواحد من هؤلاء دوماً وأبداً: حذارِ من أن تترك “حالتك النفسية” بيد أحد من الناس، فيثيرك، أو يرفع ضغطك، أو يغضبك، أو يحزنك بقوله أو بفعله، بل وطّن نفسك على جعل مفاتيح التحكم لديك داخلية لا خارجية. وهذا الأمر ليس مجرد وصايا تنظيرية، ولكنها وصية عملية تطبيقية، تحتاج مجاهدة ومراساً في البداية، وسوف تحقق الانتصار في النهاية، فعن تجربة فعلية يمكنني أن أجزم لك وأقول: “حاول، وستُفلح”. إن من النجاح – أيها القارئ الكريم – أن تتصرف بوعي تجاه الأحداث المختلفة، تتصرف كما تريد أن تفعل، وكما تريد أن تقول، لا كما يُراد لك، وأن تكون عصياً على الاستثارة، أبياً على الاستفزاز، مهما حاول الآخرون استثارتك، وهنا ستشعر بانتصار كبير للذات، واستقرار في الحالة النفسية، بل سيكون لديك من الثقة بنفسك ما يجعلك تضحك طويلاً على أولئك المتوهمين قدرتهم على استفزازك، وغالباً سيكون سلوكك هذا سبباً في عودة الاستفزاز إليهم، وتحول ذواتهم إلى حالة من الإحباط والحزن جراء الفشل المتكرر الذي باتوا يواجهونه حين يتعاملون معك. دام توفيقك محمد بن سعد العوشن