ارتبطت أيام الحج بتقليد يعرفه أهل مكةالمكرمة فقط دون غيرهم، ذلك أن سكان البيت الحرام عرفوا منذ مئات السنين بخدمة ضيوف الرحمن، في شتى الأعمال المتعلقة بالحج في المشاعر المقدسة، إذ كان يستنفر رجال البيت الحرام قديما كل طاقتهم للقيام بشتى أعمال الحج، من سقاية الحجيج وإطعامهم وإرشادهم وتفويجهم، وخدمتهم في كل مراحل مناسكهم. هذا التقليد التاريخي القديم، الذي يعرف ب"الخُلّيف"، (التخلف عن الحج) جعل المدينة المقدسة في أيام الحج قديما، خاصة في يومي التروية وعرفة، شبه خالية من الرجال، خاصة داخل صحن الحرم، فلا يرى في مكة في ذلك اليوم غير نسائها وأطفالها، لذهاب جميع الرجال باستثناء كبار السن والمرضى لخدمة ضيوف الرحمن. وهنا تصبح المدينة وحواريها تحت إدارة النساء، فيقمن بحراسة الحواري ومداخلها، ويتفقدن كل شيء. فالتقليد المعروف ب"الخليف"، يجعل من المعيب على الرجال الغياب عن ركب الحج. ويلاحظ من يزور الحرم في يوم عرفة خلوه من الزوار، باستثناء أعداد كبيرة من نساء مكة، يبدأن في التوافد للطواف والعمرة، وقضاء وقت للعبادة، أثناء وقوف الحجيح في عرفة. وفي هذا اليوم، اليتيم، تشاهد الأسر المكية في داخل الحرم ومحيطه، مع الأطفال، مع سلال الإفطار، وهي فرحة لسكان مكة، تستبق يوم العيد الذي تمتلئ فيه أم القرى بالحجاج العائدين من يوم النحر لطواف الإفاضة، حينها يعود أهل مكة للتواري عن الشوارع فاسحين للحجاج وضيوف الرحمن المكان. وتقول نجلاء محمد، وهي طبيبة من مكةالمكرمة، إن الخليف هو التخلف عن ركب الحج، وهو وصف محلي، لحالة المدن المحيطة بالمشاعر المقدسة في مثل هذه الأيام من موسم الحج، حيث يغادر الغالبية لأداء مناسك الحج أو خدمة الحجاج، فتبدو البيوت والطرقات خاوية والمحلات مغلقة وحركة الحياة شبه متوقفة. وبالرغم من التطور العمراني والانفجار السكاني في مكة، إلا أن زائر البيت الحرام سيلاحظ بالفعل، إذا دخل المدينة المكتظة بالحجيج، كيف ستبدو شوارعها شبه خالية في يومي التروية ويوم عرفة، كما سيلاحظ امتلاء صحن الطواف بسكان البيت العتيق بالأخص النساء والأطفال، وبعض المقيمين الذين لم يحجوا.