الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فلا يشك أحدٌ أنّ تعليم النشء التوحيد، ومبادئ العقيدة في المرحلة الابتدائية – خاصة – من أوجب الواجبات الملقاة على عاتق المعلمين، والآباء، والأمهات. دعونا نذكر تقصيرنا تجاه هذه المادة العظيمة – مادة التوحيد – ونذكر بعض التوصيات. من الذي يتولى تدريسها؟ يقوم مدير(ة) المدرسة – في بعض المدارس بإيعاز تدريسها إلى المعلم كثير الغياب، أو المعلم الذي نصابه قليل، قد يكون معلم فنية، أو اجتماعيات، أو لا يقدر أن يوصل المعلومة ويربطها بالواقع؛ لعدم وجود حصيلة علمية شرعية لديه تمكنه من ذلك. كيف يشرح بعض المعلمين مادة التوحيد؟ بما أن مادة التوحيد أقصر مادة على الإطلاق، فتجد المعلم يحفّظ الطلاب ما كتب وباقي الحصة (للسوالف)، بل ربما وهب حصة التوحيد لمن يريد من المعلمين المتأخرين في مناهجهم. أما حال الآباء والأمهات مع هذه المادة فشأن آخر؟! – تعكف الأم على تدريس ابنها مادة الرياضيات، والإنجليزي، و..و ربما أحضرت معلمة خصوصية لهذه المواد، أما مادة التوحيد فليس لها كبير اهتمام. التوصيات: 1- يجب على الجميع أن يعي أهمية التوحيد، فهو أوجب الواجبات، والعلم به أشرف العلوم، ولا سعادة في الدارين إلا بالعلم والعمل به، والعبد يسأل في قبره، مهما بلغت شهادته ورتبته ومنصبه، الأسئلة الثلاثة التي درسها في الصف الأول الابتدائي من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ 2- على مدير المدرسة أن يتقي الله في أبناء المسلمين، وأن يختار لتدريسها المعلم القدير. 3- على معلم مادة التوحيد أن يعدّ لها الإعداد الجيد، مع الحرص على ضرب الأمثلة، والربط بالواقع. خذ مثالاً على ذلك: الإحسان: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) يحفظها طالب الصفوف الأولية عن ظهر قلب، لكن ما معناه؟ ما أثره على حياة الطالب؟ هل أثار في نفسه تعظيم الله؟ هل ُذكّر الطالب بأنّ الله يراه في جميع أحواله؟ هل بُيّن له معنى (إنّ الله مع المحسنين)؟ إن أحسنت – يا بني- في عبادتك فإن الله معك يوفقك، ويسددك، ويحفظك، وينصرك، و… قولوا لي- يا إخوة – ما سبب حصول حوادث سرقات في بعض المدارس؟ أجزم أن الطالب لم تشرح له مرتبة الإحسان! ناهيك أنه ربما إذا كبر غداً وأصبح مديراً لدائرة حكومية فلن يكون لديه تعظيم ولا مراقبة لله تمنعه من أكل الحرام! 4- على الأب والأم أن يبرزا لأبنائهما أهمية هذه المادة، وأن يحرصا على مذاكرتها، ومراجعتها معهم. 5- على الجميع أن يحرص على طرح أسئلة في التوحيد مع صغار الأقارب والأصدقاء، والتشجيع ببعض الدراهم، أو الهدايا اليسيرة. ذكرت لي إحدى قريبات الشيخ عبدالعزيز بن باز – يرحمه الله – أنه سلمت عليه إحدى قريباته الصغار، فسألها: ما هي الأصول الثلاثة التي يجب على المسلم معرفتها؟ أخيراً: علينا الحرص على إعطاء مادة التوحيد على الوجه الأكمل في المدرسة والبيت؛ حتى يخرج لنا جيل يخاف الله، ويتقه، ويجله، ويعظمه، ويصمد أمام الفتن التي تتخطفه من كل جانب، سواء في الانفتاح الإعلامي، أو السفر للسياحة، أو للدراسة في الخارج، فلا عاصم من الفتن إلا الله، ثم التربية الإيمانية منذ الصغر، مع اعترافي وشكري لكثير من مديري المدارس، ومعلمي هذه المادة على جهودهم المبذولة، وعطائهم المثمر تجاه هذه المادة. أسأل الله أن يحفظ الله أبناء المسلمين، وأن يهيئ لهم من يأخذ بأيديهم إلى سبيل الرشاد..