لطالما تمنيت ورجوت من إعلاميينا ومثقفينا وكتابنا وكل وسائل الإعلام أن يجنبوا الإسلام وشعائره مهاتراتهم وخصوماتهم الفكرية وحروبهم مع من يختلفون معهم.. الإسلام أجل وأعلى شأناً من أن يُنال منه، أو تشوه صورته الناصعة.. ردوا على "القاعدة" لكن لا تهاجموا فريضة "الجهاد"، فالجهاد موجود وله ضوابطه وشروطه قبل أن تولد القاعدة.. هاجموا "داعش" ونحن معكم قلباً وقالباً، لكن لا تحملوا الإسلام تشددها، ولا تتهموه بأنه دين عنف؛ لأن داعش هي الشاذة فهماً وعقلاً وفكراً، وليس الإسلام.. اختصموا مع "الإخوان والصحويين" لكن فرقوا بين الإسلام كدين دستوره القرآن وبين أفكار الجماعات والأحزاب وحتى الأفراد.. إذا شيخ أساء فهم آية فالسبب منه وليس من الآيات، إذا تيار معين فهمه ناقص عن استيعاب حكم الإسلام فالذنب ذنب ذلك التيار وليس القرآن والحديث.. باختصار انتقد ورد على من شئت لكن لا ترمِ الإسلام الدين الطاهر بتصرفات البشر، فأحكام الإسلام وشعائره موجودة قبل وجود الجماعات والتيارات. استضافت قناة… أحد "الكتاب" وللأسف بداعي الهجوم على "الصحوة" راح يردد عبارات غير سليمة، ولا تمت للنقد بأي صلة، ولا يستقيم معناها.. حيث أخذ يهاجم "الأذان" للصلوات وأن صوته عبر "المايكرفونات" يزعج الناس، ويخيف الأطفال بشكل مرعب، ويفزع أهل البلد على حد تعبيره، وزعم أن في كل حي مسجد "ضرار" لابد من هدمه، مستدلاً بمسجد "الضرار" الذي بناه المنافقون على عهد نبينا الكريم.. مع ملاحظة أن الضيف خلط ولم يفرق بين كثرة المساجد اليوم وبين مسجد الضرار الذي بني لإعلان الحرب على الإسلام، وإرصاداً للمؤمنين فأين هذا من هذا؟! أصداء الأذان خاصة من قبل الأصوات العذبة تملأ الحياة دفئاً، وتبعث في النفوس الراحة، وتبث في ذواتنا الخشوع وحب الإصغاء، حتى الصغار يرددون وراء المؤذن، ويقلدون أصوات المؤذنين.. الأذان يخبرنا باقتراب الزاد الروحي والتفرغ للصلاة ولو لدقائق معدودات.. الأذان للصلوات شعيرة إسلامية تصدح في كل أرجاء الدنيا حتى في الدول الكافرة.. كم سرني موقف الحكم الأجنبي الذي أوقف مباراة في الدوري السعودي احتراماً للأذان، وقد أحسنت هيئة الرياضة بتكريمه، فإذا كان الغربي المختلف عنا يجل شعائرنا ألسنا أولى بذلك الإجلال؟ في المملكة ارتبط المسجد بحياتنا، ونجد المساجد كثيرة في كل حي وفي الجامعات والمستشفيات ومحطات البنزين وفي المباني الحكومية والخاصة، وهذا أمر يدل دلالة واضحة على أن المجتمع السعودي له تعلق خاص بالمسجد وبصوت المؤذن وقد بات جزءاً من حياته اليومية. أحد المغردين نشر تغريدة يقول فيها ما معناه: في بعض الأحياء تكون هناك عدة مساجد بينما كانت الجمعة تقام في عهد الرسول- عليه الصلاة والسلام- بمسجد واحد.. طبعاً غاب عن ذهن المغرد أن التوسع العمراني والسكاني للمدينة اختلف بين اليوم وقبل عقد أو عقدين من الزمن، فما ظنك بمئات السنين؟ وهذا الكلام السابق لا يلغي ضبط الأمور، فإذا وجد حي من الأحياء فيه مساجد كثيرة ومتقاربة، أو كانت هناك بيوت مجاورة للمساجد، ويتضررون من تداخل أصوات الأئمة في القراءة للصلوات، فهناك وزارة الشؤون الإسلامية يمكن مخاطبتها والرفع لها، وقد قرأت كذا تصريح لمسؤولي الوزارة يخاطبون أئمة المساجد بضرورة قصر المايكرفونات الخارجية على الأذان والإقامة، والاكتفاء بالسماعات الداخلية عند القراءة، فهناك ناس لا تلزمهم صلاة الجماعة كالنساء، والأطفال، والمرضى. إن من أهم ما يميز سعوديتنا تعظيمها للإسلام ولشعائره، كما أنها الدولة الوحيدة التي تغلق فيها الأسواق وقت الصلاة، والأذان للصلوات فيها باقٍ والمساجد فيها تتمدد تبعاً للتوسع العمراني والسكاني.. ويا رب تهدي "ربعنا" الذين يزعجهم صوت الأذان وكثرة المساجد، وإغلاق المحلات أثناء الصلاة، وهي أمور فيها تعظيم للركن الثاني الذي بُني عليه الإسلام! ولكم تحياااااتي _________________________________________________________ * كاتب إعلامي