شهد خبر الاكتتاب في "البنك الأهلي" حديثاً كثيراً، وخاصة في الحكم الشرعي للاكتتاب في هذا البنك، ورأى جمهور العلماء حرمة الاكتتاب في هذا البنك، ومن هؤلاء اللجنة الدائمة للإفتاء، التابعة للرئاسة العامة للإفتاء، والتي يرأسها سماحة مفتي المملكة العربية السعودية، وقد كان دليل التحريم وجود الربا في أكثر أصول هذا البنك؛ مما يعني أن المساهمة في هذا البنك تعد مشاركة في الربا، ولا شك بأن الأحكام الشرعية تعتبر أساساً يرتكز عليه الإنسان في حياته، ولكن ماذا لو أردنا أن نلقي نظرة على الجانب القانوني، لنطلع على رأيه في هذا الموضوع. تجيز القوانين الوضعية قيام البنوك بالتعامل بالربا في حدود نسبة معينة، وعلى ضوء هذه النسبة تعاقب البنوك إذا زادت فائدتها الربوية عن النسبة، ولا تحاسب إذا وضعت الفائدة الربوية داخل إطار هذه النسبة، ولكن ماذا عن النظام السعودي هل يجيز للبنوك التعامل بالربا أم لا؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نبدأ بالدستور السعودي، ونتجول فيه لنرى ما ينطبق من نصوصه على موضوعنا، وبعد التجول رأينا المادة الأولى منه تقول: (المملكة العربية السعودية، دولة إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها الرياض)، وفي المادة السابعة من النظام ذاته ينص بقوله: (يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة)، وبالنظر إلى نظام مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) نجد أن المادة الثانية منه تقول: (لا يجوز لمؤسسة النقد العربي السعودي دفع أو قبض بفائدة، وإنما يجوز لها فقط فرض رسوم لقاء الخدمات التي تؤديها للجمهور، أو للحكومة، وذلك لسد نفقات المؤسسة…)، ثم في المادة السادسة من النظام ذاته تقول: (لا يجوز لمؤسسة النقد العربي السعودي القيام بأي عمل من الأعمال الآتية: 1- مباشرة أي عمل يتعارض مع قواعد الشريعة الإسلامية السمحاء، فلا يجوز لها دفع أو قبض فائدة على الأعمال…)، وفي نظام المحكمة التجارية نجد المادة الخامسة منه تقول: (يجب على كل تاجر أن يسلك في أعماله التجارية بدين وشرف، فلا يرتكب غشاً، ولا تدليساً، ولا احتيالاً، ولا غبناً، ولا غرراً، ولا نكثاً، ولا شيئاً مما يخالف الدين والشرف بوجه من الوجوه، وإذا فعل ذلك استحق الجزاء الرادع بمقتضى قانون العقوبات المندرج في هذا النظام)، وفي المادة السابعة والأربعين بعد المائة من النظام نفسه تقول: (كل تاجر يخالف مقتضى المادة (5) يجازى بالحبس من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر، أو بغرامة مالية من عشرة جنيهات إلى 50جنيهاً على حسب مقتضى جريمته وحاله). وبعد هذا العرض النظامي للدستور الذي لا يجوز لأي نظام أو لائحة مخالفته، ولنظام مؤسسة النقد العربي السعودي التي تعد البنك المشرف والحاكم للبنوك، ولنظام المحكمة التجارية التي يخضع لها كل تاجر، نجد أن الربا في المملكة العربية السعودية محظور، بل يجب معاقبة ومحاسبة كل من يخالف هذا الأمر، ولو طبق النظام على البنك الربوي فقد يتأثر مساهموه ومشاركوه في الربا بضياع فوائدهم الربوية وفواتها، ولا نستبعد تأخر إعادة رؤوس أموالهم إن كان لها عودة. وأختم حديثي بالقول: قال تعالى: (يمحق الله الربا) وصلوا على النبي المختار