منح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- دعماً سخياً، وصلاحيات كافية أمام «السلطة التنفيذية»؛ لإنجاز مهامها، والخروج من «دائرة الأعذار» إلى «ساحة العمل»، بما ينسجم مع جزالة الحضور الاقتصادي للمملكة، ومكانتها العالمية، وتطلعات قيادتها، وشعبها، والاستمرار في نهج التحديث والتنمية المستدامة. ودفع الملك عبدالله المجتمع إلى «طفرة مشروعات» هائلة، ونوعية، ومثمرة للأجيال المقبلة، ويبقى الدور الأهم على الجهات التنفيذية لتحويل هذه المشروعات إلى واقع ملموس دون تعثر، أو تردد، أو تقصير. «الرياض» التقت عدداً من الخبراء الإداريين، والاقتصاديين، والقانونيين، وغيرهم؛ للحديث عن «مهمة السلطة التنفيذية» خلال هذه المرحلة. السياسات والإجراءات في البدء أوضح "د.خالد بن فهد الحارثي" - رئيس مركز (أرك) للدراسات والاستشارات - أنّ السلطة التنفيذية جهاز ينفذ السياسات والإجراءات التي يضعها صاحب القرار، وله صلاحيته الكاملة في تنفيذ المشروعات والخطط والبرامج الحالية والمستقبلية القابلة للتنفيذ وفق ميزانية محددة؛ ويفسح المجال أمام الأجهزة الرقابية لمتابعة أعماله، ويقدّم في نهاية كل عام تقريره السنوي عن ما تم إنجازه. وأضاف: إنّ الدولة وضعت العديد من الخطط والبرامج التي من شأنها الوصول إلى الأهداف المرجوة من المشروعات الخدمية، إلاّ أنه وفي حالات كثيرة فإنّ تنفيذ المشروعات لا يرتقي لطموح المواطنين؛ فكانت الدولة حريصة كل الحرص على تلبية هذه الطموحات من خلال رصدها لميزانيات ضخمة تساعد الوزارات المعنية في تحقيق ذلك؛ شريطة تنفيذ هذه الوزارات لهذه المنشآت دون تباطؤ أو تهاون. تقصي الحقائق وأشار"الحارثي" إلى أنّ هذا الحرص الشديد هو الذي دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وعلى ضوء هذه التحقيقات تتم المحاسبة لكل من كان سبباً في بروز هذه الأخطاء التي كثيراً ماتؤدي لإهدار المال والزمن معاً، لاسيما وأنّ بعض الجهات التنفيذية كثيراً ما تصاب بالتقصير من حيث المتابعة، مؤكداً على أنّ القيام بمثل هذه السلطات في المقام الأول أمانة قبل أن يكون نوعاً من أنواع التشريف، فلابد من التحلي بقدر كبير من الأمانة والاطلاع بالدور المناط به على أكمل وجه، وخصوصاً أن الأنظمة الحديثة تتميز بوجود سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية. وأضاف: أن تلك السلطات مهام كبيرة، حيث إنّ السلطة القضائية لها دور الرقابة على السلطة التنفيذية، بينما دور السلطة التشريعية يكمن في وضع الأنظمة واللوائح التي من شأنها محاربة الفساد ودرء كل المعوقات، وبالتالي فإنّ السلطة التنفيذية هي صاحبة الصلاحية في تنفيذ هذه الأهداف المنشودة، الأمر الذي يمنحها حق التشريع في وضع هذه الأنظمة. الأهداف التنموية وقال "د.الحارثي": "إنّ مهام السلطة التنفيذية تقع على عاتق الوزارات وهو بهذا المفهوم يقوم بتحقيق كل الأهداف التنموية، علماً بأنّ الاستعانة بالكفاءة أو الكوادر المؤهلة في هذا الصدد يساعد بالطبع في إيجاد مشاريع لها القدرة في استيعاب الاقتصادي الكبير"، مشيراً إلى أنّ هذا المفهوم أو المعنى الاقتصادي وضح ملامحه في أداء الشركات الكبيرة من خلال نظام الحوكمة، حيث إنّ هذا النظام عزز دور السلطة التنفيذية في بعض الشركات، والمطلوب هو أيضاً تعزيز دور الشفافية، والاستعانة بآراء المساهمين؛ لتطوير أداء هذه الشركات ومحاسبتهم في حالات التقصير، وذلك عبر اجتماعات الجمعيات العامة لهذ المؤسسات. المركزية والمراقبة وأوضح "د.عبدالعزيز بن عبدالله المطوع" -مدير عام شركة الكهرباء بمحافظة جدة- أنّ تفادي المحسوبيات أو الواسطات في اختيار العاملين والاختيار الصائب للكفاءات، من أهم العوامل التي تضمن وبشكل ملموس في تنفيذ كل المشروعات الإنمائية، مؤكداً على أنّ أي سلطة تنفيذية لابد أن تهتم بهذه المعايير بعيداً عن المركزية، مما يؤدي الى تقزيم الرؤية وتحديدها الأمر الذي يدعو إلى التخلي فوراً عن هذه المركزية، ومنح الصلاحيات لكل المناطق حتى لا نعاني من هذا التقصير المؤلم في مجال التخطيط والتنفيذ، مضيفاً أنّ عملية (الرقابة) ومهما كان شكل المشروع هي من الأدوات الكفيلة لتجنب التقصير أو الأداء البطيء في التنفيذ. وضوح الأهداف وأشار إلى أنّ وضوح الأهداف من تنفيذ هذه المشروعات الطموحة هو بمثابة أضواء كاشفة لمعالمها وملامحها، وهي البوصلة التي تساعد على اكتشاف الطريق للمضي قدماً نحو المرمى المنشود، حيث إنّ تنفيذ أي مشروع بحاجة أن تسبقه أهداف؛ لأنّ كل الخطط مربوطة بتلك الأهداف، مؤكداً على أنّ المراجعة السنوية لتنفيذ أي مشروع تشكل قيمة من قيم النجاح؛ لأنّ مثل هذه المراجعة هي التي تساعد على اصطياد الاخطاء وتلافيها وعدم تكرارها ممايجعل النجاح في غاية الضمان. روتين الإجراءات وأرجع "ماجد بن مهل البقمي" - رجل أعمال - أسباب تعثر المشروعات التي لم تأخذ نصيبها في سرعة التنفيذ، حيث يستغرق تنفيذها سنوات طوال، والأسباب بالطبع تعود إلى تلك الإجراءات العقيمة في بعض الإدارات، حيث إنّ معظم العاملين فيها يركن إلى الإهمال دون مراعاة لأي شعور، ملقياً باللائمة على قيادات هذه السلطات التي لاتتورع في إنزال العقوبات على العاملين، بل إنّ هذه القيادات نفسها تفتقر إلى صحو الضمير، مؤكداً على أنّ هؤلاء العاملين في تلك السلطات إذا ماحاسبوا ضمائرهم واتقوا الله تعالى، وأخلصوا في الإنجاز من أجل هذا الوطن الحبيب لكان قد اختفت كل تلك السلبيات.