في خضم مشاغل الحياة وتعقيداتها، يسعى الإنسان للحفاظ على توازنه النفسي وسط الضغوط اليومية المتزايدة. غير أن بعض العلاقات الاجتماعية قد تشكل عبئًا إضافيًا على هذا التوازن، لا لشيء سوى أن بعض الأشخاص يصرون على تحميل من حولهم ما يمكن وصفه ب"القمامة النفسية"، تلك المشاعر السلبية المتراكمة والمشاكل المتكررة التي لا تنتهي. هؤلاء الأشخاص لا يتوقفون عن الشكوى، ولا يعرفون للهدوء سبيلاً. يفرغون همومهم بتكرار ممل، ويضعونك دائمًا في موقع المستمع الصامت، وكأنك خُلِقت فقط لتكون حائطًا يمتص صدماتهم النفسية. الأسوأ من ذلك، أنهم لا يتوقفون للحظة واحدة ليتساءلوا: هل من يستمع إليّ بخير؟ هل يملك طاقة كافية ليحمل همومي؟ أم أنه غارق في معاناته الخاصة بصمت؟ لا شك أن مشاركة الآخرين همومهم من صور التعاطف الإنساني الجميل، لكن ذلك يجب أن يكون متبادلًا ومتزنًا، لا أن يتحول إلى علاقة من طرف واحد يستهلك فيها أحدهم طاقة الآخر دون وعي أو تقدير. إن القمامة النفسية لا تُنقل فقط بالكلام، بل تنعكس في المشاعر والطاقة والجو العام، وكم من جلسة كان يُفترض أن تكون مريحة، خرج منها أحدهم منهكًا، متعبًا، وكأنما خاض حربًا لا تخصه. من المهم أن نعي حدودنا النفسية، وأن نحمي ذواتنا من الاستنزاف العاطفي غير المبرر. من حقك أن تقول "كفى"، ومن حقك أن تحيط نفسك بأشخاص يقدّرون مشاعرك كما تقدّر مشاعرهم. لسنا مطالبين بأن نكون أقوياء طوال الوقت، ولا أن نكون مستودعات لمآسي الآخرين على حساب توازننا الداخلي. فلنكن أكثر وعيًا بتأثيرنا على من حولنا. ولنحترم لحظات ضعفهم كما نرجو أن تُحترم لحظات ضعفنا، فالحديث المشحون ليس دواءً دائمًا، وإن لم ننتبه، قد يتحول إلى عبء نفسي يتجاوز أحيانًا عبء المشكلة نفسها. وختاماً اقول: حسبُنا ما بنا من همٍّ ومن تعبِ، فلا تُحدثْنِي عن وجعٍ، فكلِّي وَجَعُ. بقلم/ حصة الزهراني ماجستير في العلاقات العامة والإتصال المؤسسي- وزارة التعليم