مثلما توقع خبراء ومحللون عسكريون بشأن الحسم البحريني الذي يحظى بغطاء خليجي، فقد أصدر عاهل البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مرسوما ملكيا بإعلان حالة السلامة الوطنية "الطوارئ" لمدة 3 أشهر ابتداء من يوم أمس، وذلك بعد أن دخلت الاحتجاجات السياسية والأمنية يومها الواحد والثلاثين. وجاء في الأمر الملكي أنه "نظرا للظروف التي تمر بها مملكة البحرين والتي جرى فيها تصعيدات أمنية مست أمن البلاد وعرضت حياة المواطنين للخطر وأضرت بمصالحهم وأرزاقهم وتعدت على ممتلكاتهم وطالت مؤسسات الدولة ودور العبادة وأساءت لمنابر العلم في المدارس والجامعات وحتى وصلت لتطال مهنة الطب الإنسانية وحولت المستشفيات إلى بؤر رعب وترهيب كما عملت على الإضرار بعجلة التنمية والاقتصاد البحريني، فقد أصدر الملك القائد الأعلى المرسوم الملكي رقم 18 لسنة 2011 بإعلان حالة السلامة الوطنية وفقا لنص المادة 36 فقرة (ب) من دستور المملكة لسنة 2002 وذلك في جميع أنحاء مملكة البحرين اعتبارا من يوم الثلاثاء الموافق 15 مارس 2011 ولمدة ثلاثة أشهر، وقد تم تكليف القائد العام لقوة دفاع البحرين بسلطة اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية اللازمة للمحافظة على سلامة الوطن والمواطنين على أن تنفذ هذه التدابير من قبل قوة دفاع البحرين وقوات الأمن العام والحرس الوطني وأية قوات أخرى إذا اقتضت الضرورة لذلك". من جهته قال رئيس الوزراء البحريني الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة إن تعطيل المصالح والإضرار بها واستهداف الأماكن العامة والخاصة وخلق حالة من الاضطراب والفوضى وتهديد أمن وسلامة المواطنين "لا يمكن السماح باستمرارها في ظل دولة المؤسسات والقانون". واطمأن الأمير خليفة في اجتماع عمل أمس على الوضع المالي والمصرفي في المملكة. ووجه باستكمال أية نواقص في الخدمات أو السلع فوراً والتنسيق بين الجهات المعنية في هذا الشأن. وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة "لن تقبل ولن ترضى بأية محاولة لخلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني في ربوع الوطن"، معربا عن الأسف لمحاولات البعض للتأجيج وتشويه الوجه الحضاري لمملكة البحرين وطبيعة شعبها الودود وتعامله الحضاري مع المقيمين الذين وفدوا إلى مملكة البحرين لاحتياجها لهم في مشروعات التنمية. وقال الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان المستشار القانوني محمد فرحان ل"الوطن" إن إعلان الملك لحالة السلامة الوطنية "هو من الرخص الدستورية التي يكفلها الدستور للعاهل البحريني نظرا للأحداث الأمنية السلبية التي شهدتها المنامة في الفترة الأخيرة". وأوضح المستشار فرحان أن المادة 36 من الدستور تنص على أن "لا تعلن حالة السلامة الوطنية أو الأحكام العرفية إلا بمرسوم، ويجب في جميع الأحوال أن يكون إعلانها لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ولا يجوز مدها إلا بموافقة المجلس الوطني بأغلبية الأعضاء الحاضرين". وأشار إلى أن "القاعدة الشرعية أن الضرورات تبيح المحظورات، وكانت سلامة الدولة فوق القانون، ونظرا لما يمكن أن تتعرض له المملكة من ظروف طارئة تهدد سلامة البلاد، سواء أكانت هذه الظروف خارجية كالحرب أم داخلية كاضطراب الأمن العام أو حدوث فيضان أو وباء أو ما شابه ذلك، كان من الضروري منح سلطات الدولة الوسائل الاستثنائية التي تكفل حماية الدولة وسلامتها في تلك الظروف". وذكر فرحان أن المذكرة التفسيرية للدستور تنص على أن "إعلان حالة السلامة الوطنية يكون للسيطرة على الأوضاع في البلاد عندما تتعرض لطارئ يهدد السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة أو في منطقة منها، بما يتفق مع كونها تهدف إلى الحفاظ على حقوق المواطنين وسرعة السيطرة على الوضع القائم، ولا يمنع ذلك بطبيعة الحال الملك من أخذ رأي مجلس النواب أو المجلسين معا في أمر إعلان حالة السلامة الوطنية أو الأحكام العرفية مقدما إذا سمحت الظروف بذلك، وهو أمر متروك للملك دون إلزامه به". وفي ذات السياق، أكد المتحدث الإعلامي رئيس لجنة حقوق الإنسان بجمعية الحقوقيين البحرينية عبدالجبار أحمد الطيب أن إعلان حالة السلامة الوطنية كإجراء وعدم إعلان حالة الأحكام العرفية رغم تزايد الاضطرابات والفوضى المتعمدة "دليل على حرص الملك على الموازنة بين حقوق وحريات الأفراد وتحقيق الأمن خصوصا أن الإجراءات المتبعة في حالة السلامة الوطنية أقل درجة وأخف وطأة في حال إعلان حالة الأحكام العرفية". كما أيدت كتلة النواب المستقلين صدور الأمر الملكي وقال النائب عبدالرحمن بومجيد "إن إعلان حالة السلامة الوطنية يجيء في وقته المناسب من بعد تزايد الفوضى وانعدام الأمن وانتشار الخوف والاضطرابات بعدد من المناطق والقرى والمدن". إلى ذلك صرح مصدر مسؤول بوزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة السعودية "أن وسائل الإعلام المغرضة تناقلت نبأ مكذوبا باستشهاد أحد أفراد القوات البرية الملكية السعودية "الرقيب أول أحمد بن سالم الردادي" , الذي يعمل ضمن قوات درع الجزيرة في مملكة البحرين. وإن وزارة الدفاع إذ تؤكد عدم صحة هذا الخبر جملة وتفصيلا تود أن توضح أن رجالنا ليسوا في مهام قتالية بل إنهم يعملون ضمن قوات درع الجزيرة للحفاظ على المناطق الحيوية في مملكة البحرين الشقيقة". وفي سياق متصل أكد مصدر حكومي بحريني "وفاة أحد أفراد الأمن العام مساء أمس (أول من أمس)أثناء التعامل بالمعامير بعد أن تم دهسه عمدا من قبل أحد مثيري الشغب". كما أفادت جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة بوفاة شاب بحريني اسمه أحمد فرحان من منطقة سترة متأثرا بجراحه نتيجة الاشتباكات مع القوى الأمنية عصر أمس.