الأروع في البِدايات، الأحلام مشتركة والمشاعر نَظِرةً كأزهار الربيع. ينسج القلب خيوطاً من الآمال والتوقعات ويبني العقل قصوراً منْ الأمنيات.. وعُوداً غير مشروطة وعطاءٌ غير محدود، يفتَحُ لك الأبوابَ على مصْراعيْها لعالم ٍ ملئ بالإمكانيات. وفجئةً وبلا موعدٍ تنقلب الموازين وتتبدل الأحوال، تنساب الأيام كالرمل بين اصابعك ويتغير كلُ شيءٍ في لمح البصر. في تلك اللحظةِ الفُجائية تَتَراءى الحقيقة بكلِ وضوح، كضوءٍ يسْطعُ في ظلمةٍ الليل.. يبدأ العقل -إن كان متيقناً -في إستِعادة توازنة وينفض عنه غُبار الأحلام، وتتعالى أصوات الشكوك والتساؤلات..! في حياتنا الكثير من الشخصيات العجيبةً، فنحن جزء من مجتمعٍ يختلف أفراده في التنشئةِ والمعتقدات مع الكثير من ظروف الحياة، جعلتنا مانحن عليهِ اليوم. نُقابل ونحب ونتعايش مع اشخاص كُنا نظن أنهم النور الذي سيُبدد عُتْمة أيامنا، يُمَنْوننا في البدايات ونلعنهم في النهايات. يَرى نفسهُ أحسن الناس، ويظن أنه يستحق ما أنت عليهِ، يشعر بالحسد تجاة نجاحات الأخرين، علاقتهُ بمن حوله، تتركز على الإستفادة منهم، ولايهتم بتكوين علاقات عميقة ومستدامة. فقيرٌ في التعاطف مع الآخرين، إحتياجهُ المستمر للإعجاب سمه بارزه لديه. يتوهم أنه مميز وفريد. في سعيٍ مستمر لِلفت إنتباه الأخرين، لايتأثر بأحزان غيرهِ أو مشاعرهم، هو ومن بعدهِ الطوفان. يبث لك كل أحزانهِ وشكواهُ وآمالهِ، ولكن.. في احلامك الورديةِ أن يبدي أي اهتمام لأحزانكَ أنت أو مشاكلك ! يستخدم من حولهُ لتحقيق أهدافهِ الشخصيةِ، ويعْتبر العلاقات وسيلة للحصول على مايريد. سمتهم العجرفةِ وسلوكهم فيهِ تكبر. إنها الشخصية النرجسية، كل تلك الصفات وربما بعضاً منها يحملها ويتصف بِها النرجسي، هم حولنا ومعنا وربما لانستطيع إلا أن نكون معهم. قد تجمعنا العلاقات الأبدية، أو العلاقات المهنية أو الأكاديمية. قد يكون أخ أو قريب، زوج أو حبيب زميل أو مدير. النرجسية كمفهوم نفسي تعود جذوره إلى الأساطير اليونانية، حيث تروى أسطورة نرجس، الشاب الوسيم الذي وقع في حب انعكاس صورته في الماء حتى مات. اما من الناحية العلمية، تطور مفهوم النرجسية بشكل كبير خلال القرون الماضية ويمكن اعتبار سيغموند فرويد من أوائل العلماء الذين درسوا النرجسية بشكل منهجي. في عام 1914، نشر فرويد مقالة بعنوان "مقدمة في النرجسية" (On Narcissism: An Introduction)، حيث قدم مفهوم النرجسية كجزء من نظريته عن التحليل النفسي. منذ ذلك الحين، تطور فهم النرجسية وأصبح موضوعًا هامًا في علم النفس، وتم تصنيف اضطراب الشخصية النرجسية كواحد من اضطرابات الشخصية في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM) الذي تصدره الجمعية الأمريكية للطب النفسي. كيف استطيع أن اتعامل مع النرجسي ..؟ لو كانت تلك العلاقةِ خارج اطار العائلةِ والقرابة فلابد من وضع حدودًا واضحة تحميك من استغلال النرجسي، وكن ثابتًا في تطبيق هذه الحدود. وردع النرجسي وتصعيد الأمور . هنا خَرجْت من دائرة سيطرتهِ، ولكن..!احذر أن تهدد النرجسي بإتخاذ إجراء ضده إلا وأنت متيقن أنك ستنفذ ذلك التهديد . أما في العلاقات التي لانستطيع إلا أن نكون منها ولها - نتعايش معها- ففي علم النفس عقوبة النرجسي أن لايثير غضبك! ولايستفزك! لا للصراخ والنحيب. لاتأتي بالماضي والحاضر فهو يتغذى على ذلك، هو وقودهُ وغذائه، اقهر ذاك النرجسي بأن لايستفزك، ولايثير غضبك. وبكل هدوء ارتشف قهوتك وتذكر قول الشافعي .. قالوا سَكَتَّ وَقَد خُوصِمتَ قُلتُ لَهُم إِنَّ الجَوابَ لِبابِ الشَرِّ مِفتاحُ والصمَّتُ عَن جاهِلٍ أَو أَحمَقٍ شَرَفٌ وَفيهِ أَيضاً لِصَونِ العِرضِ إِصلاحُ أَما تَرى الأُسدَ تُخشى وَهِيَ صامِتَةٌ وَالكَلبُ يخسى لَعَمري وَهوَ نَبّاحُ كتبه/ حصة الزهراني ماجستير في العلاقات العامة والإتصال المؤسسي وزارة التعليم