سألني أحدهم هل ترى أن الأنانية آفة ذميمة ؟ فأجبته إن كانت آفة كما يُقال ، فإنه يمكن القضاء عليها ، لكنها ليست كذلك لأن صاحبها مهما كانت ضخامته الجسدية فهو لا يملك إلا نفساً صغيرة ، وأعيينا عمياء لا يرى من خلالها إلا نفسه ، ولا يسعى إلا لخدمة أهدافه الخاصة ، حتى تفكيره ينحصر على ذاته ، فلا يفكر في غيره ، و" الأنانية هي حب الإنسان لنفسه، وعشقه للسيطرة، والتملك، وهي الأنا التي تجعل الإنسان لا يرى إلا نفسه، ولا يهتم إلا بشخصه هو " ولا تختلف الأنانية عن النرجسية فكلاهما يظهران غرور الشخص بذاته ، ويقال أن " النرجسية (Narcissism) عائدة إلى نارسيس (Narcisse ) وهو فتى يوناني ورد ذكره في الأساطير اليونانية وتقول الأسطورة أن نارسيس كان فتى رائع الجمال ، نظر إلى صورته ذات مرة في ماء البحيرة ، فراعه جماله وشغله عن العالم فعكف على الصورة يتأملها ؛ وأطلق اسمه بعد ذلك على كل من يركز اهتمامه على ذاته أو يجعل نفسه بقيمها ومشاعرها مركز العالم . والنرجسية في اللغة العربية تعني " الحب المرضي للذات " وتناول علم النفس " النرجسية " كمفهوم يظهر لدى البعض فيصورهم أمام أنفسهم كشخصيات لها من المكانة والتقدير ما ليس لدى الآخرين . ووصف العالم النفسي الشهير فرويد (النرجسية) في مقال نشر عام 1914 م تحت عنوان (مقدمة في النرجسية) أن الشخصية النرجسية تتميز بالتعجرف والنقص في التعاطف مع الآخرين وفرط الحساسية تجاه آراء الآخرين فهم لا يستطيعون تقبل آراء الآخرين بأي شكل من الأشكال دون أن يتركوا الآخرين يلاحظون ذلك ، ويسخرون بشكل غير مباشر من آراء واقتراحات الآخرين ، بل ويدعون أنهم يعرفون ما يفكر فيه الآخرون وأنهم ليسوا بحاجة إلى محاضراتهم . ويبالغ النرجسيون في إنجازاتهم وميزاتهم ومحاسنهم ويتوقعون من الآخرين أن يعترفوا لهم بالجميل بصورة خاصة ، سواء كان هذا الاعتراف مبرراً أم غير مبرر. ويستحوذ عليهم وهم النجاح والسلطة والتألق ويعتقدون أن وظيفتهم ضبط الأمور تحت سيطرتهم لأنهم على حق والآخرين على خطأ. " و النرجسي إنسان يصور نفسه على أنه موسوعة في كل شيء يمتلك شعوراً بالعظمة وحب الذات فلا يقبل أن تقول له إلا أستاذ في الأدب العربي والانجليزي ومؤرخ وعالم بالإدارة والاقتصاد ومن أجل ذلك لا يمكن أن يفهمه إلا القليلون جدا من الناس وهنا تتحول شخصية الإنسان من شخصية اعتيادية إلى شخصية تحمل ( الأنا ) . ولا يختلف الغرور عن الأنانية والنرجسية ، فهو يعبر " عن سلوك الإنسان الذي يعكس في داخله الكبرياء في شكله المتضخم والمبالغة في الثقة بالنفس، حيث يتصرف الشخص المغرور بفخر كبير بما يمتلكه من ثروة أو مكانة أو تعليم، ويشعر بأنه الأفضل ويحاول التقليل دوماً من شأن الآخرين، كما يفخر بافتراضه مهماً للغاية دون وجود مبرر حقيقي لذلك، وقد يتصرف في بعض الأحيان مع الآخرين باحتقارهم وإظهار العداء لهم ويصعب عليه تقديم التنازلات " وغالباً ما نرى مثل هؤلاء الأشخاص وقد وضعوا العراقيل في طريق من ينافسوهم ، وصاغوا الكلمات المفبركة كلما أحسوا أن هناك نجاحاً حققه الآخرون ، ويسعون للسخرية منهم ، والتشكيك في نواياهم وأهدافهم . للتواصل [email protected]