لست ملزما أن تقنع الآخرين أنك مثقل بالهم ولم يعد لديك مساحة لتجمع فيها شتات أحدهم أو أن تسكب في عروقه ولو جزء من تعاطفك . أنت لم تعد أنت وكما كنت في السابق تتجاذب وشوشة المواساة معهم أيا كان نوعها أو تلمس معاناته سواء كانت قاسية أو هامشية، لم تعد تستهويك ثرثرتهم السطحية التي يقتلون بها الوقت فيقضون بها على ما تبقى لك سكينة أعتزل أحاديثهم المملة لا تمنحهم الفرصة لإستنزافك وخلط أوراقك والعبث بريشة ألوانك وتشويه لوحتك الجميلة، صفاؤك النفسي انت من يرسم معالمه حين تنأى بنفسك عن ضجيج لا يتوافق ومزاجك، وحدتك أنت من يملأ فراغها بالجميل ويرمم ما تهدم من أركانها فالأيام لا ولن تنتظرك لتقوم بتعديل مساراتهم ثم تلتفت إلى نفسك، الأيام تسير وتسير ولن تقف لك ولا لغيرك فما عليك إلا أن تلحق بها وتوازي خط سيرها دون تأخير لكي تصل ممتلئا بالرضى والحبور والراحة النفسية، احترمهم فقط لا تمنحهم أكبر مما يستحقون حتى لا تفجع بصدمة مدوية ومزلزلة تبعثرك وتلقي بك بقايا إنسان . اسلك طريقا زرعت جنباته بزهور النرجس والسوسن ودعهم يسلكون الطرق الشائكة فيلتقون بنظائرهم، لا تعودهم على التشدق بمثاليات زائفة أمامك لكسب ثقتك وحين يعيشون الموقف يسقط الستار وتبدو خباياهم المشوهة والحقيقية، أدر ظهرك لهم لا تلتفت لتبريراتهم فنفسك أولى بك سعيدا مبتهجا، لا تظن أبدًا أنها أنانية أو انغماس في حب الذات بل هو حق مشروع لك حين تترفق بنفسك عن كل ما يعكر صفوها، هو حق لك أن تحيا كما تحب لا كما يريدون لا سيما وحين تأتيك الأنانية منهم وعشقهم المتنامي للتطفل على سكينتك وهدوءك، العصر يا هذا أصبح مخيفا مثل طرقات مظلمة لا قبس من نور تنتهي به والفواجع تأتي فجأة والقلوب أغلبها مزقتها المخاوف وأحاطت بها من كل جانب والمتربصون على جادات الطرق يترقبون الغفلة للنيل منك وإن حصل لهم إذلالك فلا مانع فلا تسلميهم عقلك ولا تتخليّ عن قلبك لمن لا يستحقه، الأثقال التي تحملها في قلبك عنهم دعها في إحدى زوايا قلوبهم واصنع لقلبك عالم نقي يليق به فكل شيء قابل للتعويض إلا القلب.