رائحة البنفسج جرفته إلى تلك التلال البعيدة لم يثرثر حينها فقد كان ظمآناً لغيمة تسحر الورد وشوق يموج بدفئه ليطمئن المد فالأمواج في الساحل القريب تتسكع بالجزر من المهد إلى اللحد والقلب يتدفق منه الهوى وذاكرة السكون تنثر ماتبقى من العشب الأخضر على الوجد . صورة مشرقة واضحة أسعدت مايجول في خاطره وهو بعد لم تتكيء عيناه على شرفات الفلق .. بل كادت انبساطة أسارير وجهه أن تغيب برفق لتذيب ذلك اللون الرصاصي وقت الغسق .. ألوان عدة انبهرت بها تلك الصفحة البيضاء وهو بعد لم يغادر مداد أحلامه .. ربما وهو في تلك الشرفة وأقزام الشجر يراها تحت يراعه ليس فقط ماقد شده إليها أو عنها أناس يترجلون ليجدوا متسعاً لمناخ نعالهم التي ربما لولم يفعلوا ذلك لعفَّى عليها الزمن .. وآخرون استهوتهم تلك الأحجار المحاطة بسوار مخضر فأحكموا قبضتهم عليها بشريط مادي معصوب العينين حتى أصبحت حمراء ملتهبة قد تبدو غير سارة للناظرين .. عندما التفت إلى ذلك اللون المشرق لم يره كذلك بل أستطاع باباء أن يغادر حلبة العطاء ليشرق على من يعتقد بأنه كذلك مشرق واضح أو ربما هكذا يريد أن يعتقد بعدما فرّ هارباً ليسقط في عذوبة مياه تلك القرية التي لفها ارتجافة الهواء .. قد يكون محقاً في ذلك فقد خلف وراءه ولكل الكادحين نظرة أمل يراها كل من كان معلقاً بأنظار السماء .. ألوان هبطت بعد رحيله كأنها زبرجد غاضب خارج من حدود تلك الحمم البركانية ليتميز بها وبندرة فائقة عن كل ياقوت من حظيت به يد بعض البشر .. زبرجد تشوبه تلك الخضرة والزرقة والبنفسجية التي امتزجت لتعبر عن ملحمة رائعة وساحرة وعظيمة تجلت قدرة الخالق فيها .. لقد رآها فقط من كان يحدق في وجه الفطرة وقد استحق ذلك بنفس سوية طاهرة نقية وروح سامية بيضاء نظيفة بعيداً عن معطيات كل من تراهم يرتشفون بتشدق ألوانهم الداكنة داخل أطر تلك الظلال الباهتة والتي تكون إيقاعاتها منطفئة لاتستطيع فيها الذاكرة أن تستيقظ من سباتها لكي تضئ الشموع الواعدة فعندما يرحل السكون عن الألوان المطمئنة تغادر الفرحة لتقابل في إنكسار تلك الألوان الداكنة !! . ومضة :- من شعر حسن عبدالله القرشي : الأفقُ ينذرُ ؟ ... لستُ أذعر للنذير ! والشكُّ يطمُرُ فيَّ أنغام الحبور هذي شرور ! دكناءُ تسبقُها شرور هذي ظُهُور حمراءُ تُلهبُها السيّاط لم يبقَ من شمسي ترفرفُ للغروب غيرُ الشَّفَق شفق سيمحوه الأفق ! والأفقُ يُنذر لستُ أذعر للنذير !