استوقفتني مفردة ضمور رغم تكرّر سماعها في أكثر من موضوع! وغالبا تأتي هذه المفردة متزامنة مع نوع من أنواع الأمراض إما العقلية، أو العضوية حمانا الله وإياكم منها، وداهمني سؤال عريض، هل يضمر الضمير؟ نسمع بالضمائر الحية، والضمائر اليقظة، ونقاء أصحابها وشفافيتهم وأريحيتهم، على العكس ممن يمكن أن نقول أن لديهم ( ضمور ) في الضمير وللأسف كثير ماهم! أصحاب الضمائر الضامرة عجيبين، لا يمكن التنبؤ بما يفعلون، أو يفكرون، أو يقولون! أحاديثهم خليط من كذب، ووعودهم عرقوبية، وتفكيرهم سطحي، وأفعالهم متقلبة مابين تهور وتبلد! هؤلاء يختلفون تماما عمّن هم بلا ضمائر! أولئك الذين ماتت ضمائرهم وغادرتهم بلا رجعة.. أصحاب الضمائر الضامرة مزيج من ازدواجية، أو متضادات فلا ثبات ولا تزعزع! تراهم يتصدرون المشهد بكل بجاحة! يحلف أيمانا مغلظة أنه صادق ويكذب! متأرجح بين ما يريده وما يجب عليه، يأخذ منك ولا يعطيك، حين يخاصمك يتخلى عن شرف النزال فينال منك كذبا ووقاحة وتدليسا، ويجرؤ على بذيء الكلام فيجرح ويمعن في التجريح تلميحا وتصريحا.. حتى وأنت تظنه الصديق الصدوق إذْ حال الخلاف يظهر لك ما لم تكن تتوقعه! فيحاربك حربا ضروسا لا شرف فيها ولا فروسية! فلا يتورع عن إفشاء أسرارك وخصوصيتك التي ائتمنته عليها !! وهناك من يَضمُر ضميره ويصغر وهو غارق في حب ذاته لا يرى من حوله، تضخمت عنده الأنا حتى حجبت عن عقله حقوق الآخرين، فيحرص على الاستيلاء على امتيازات لا يستحقها ب( أنا فعلت ).. ومن أرباب الضمائر الضامرة الرجل حين ينفصل عن زوجته، يبدأ يتحدث مع جلسائه وخاصته عن تفاصيل حياته معها منتهكا ميثاقا غليظا بينهما بكل صفاقة بلا وازع ديني أو أخلاقي مستهزئا بمن قبلت به وتحملت بذاءته وصغر عقله!! ضمور الضمير يمكن أن يتمدد حتى يأتي على الضمير كله فيلقَى حتفه ويموت، فلا يستطيع صاحبه التحكم في قدرته على تمييز الصواب من الخطأ.. الضمير هو ترمومتر أخلاقيات الإنسان ومؤشرها إذْ حين يمنحك الله ضميرا يقظا سويا فإنك ولا شك ستحيا متصالحا مع نفسك، ومع من حولك، ولعل أبرز ما يمكنه أن يجعل الضمير حيا وغير قابل للضمور هو مخافة الله في كل شاردة وواردة.