انعكاسات الماضي وتداعيات الحاضر تحتل جزءاً كبيراً من تفكيرك.. تحاول التجاهل فإذا بالكلمات تستفزك وتطلق صرخات من الأعماق أرجوك يكفي ألماً يكفي وجعاً يكفي استفزازاً.. جبل الجليد الذي تراه أمامك قد ذاب وذابت معه كل المشاعر تجاهك.. القلب الذي كان في الماضي يسامح ويغفر ويتناسى أصبح عليلًا مكسورًا لم يعد يحتمل.. في الماضي كان هناك أمل بالتغيير والالتقاء في نقطة واحدة أما الآن فلا أمل ولا صبر.. في الماضي كانت هناك حياة مزدحمة بالواجبات؛ أبناء وأسرة يحتاجون إلى أم قوية صابرة تهتم بتفاصيل يومهم لاتريد أن تشوه جمال أرواحهم بقلقها وخوفها وتوترها .. في الماضي كانت مستعدة لتجاوز سهامك القاسية وكلماتك الجارحة ومواقفك القاهرة.. في الماضي صمتت كثيراً وتحملت أكثر.. في الوقت الذي كانت ترى بعض النساء من حولها قويات متسلطات وفي المقابل يعاملن باحترام وتقدير وحُب.. كانت تسمع منك مايقتل روحها ويكسر قلبها وترى منك مايكدر خاطرها ويزعجها.. في الماضي كانت مثل أريكة بالية في احدى زوايا البيت بلا حياة .. في الحين الذي كانت تعطيك الحياة كنت أنت تسلبها الحياة.. في الماضي كنت تحمل (حقيبتك) وسط ذهولها وتمضي دون حتى أن تودعها أو حتى تخبرها أو تسألها إذا كانت تحتاج إلى شيء قبل أن تغادر وكأنها غريبة أو كومة من تراب لا قدر لها.. في الماضي كانت تنظف وتطبخ وتكرم ضيوفك وترعى أبناءك وتقوم بحقوقك ولم تسمع كلمة "شكر" بل كانت تسمع هذا واجب عليك.. في الماضي كانت تتنازل عن حقوقها المادية من أجل أن تحظى فيما بعد بحياة كريمة .. في الماضي كانت الزوجة المطيعة والأم المربية والصديقة الوفية وبالمقابل كنت تقسو عليها في كل حين.. في الماضي كانت تراك الظهر والسند أما الآن فقد أفاقت على حقيقتك؛ حيث لم تكن لها ظهرًا ولاسندًا بل كنت حمولة زائدة تكسر قلبها كل يوم.. كلما حاولتْ التغاضي والنسيان أتيت من جديد تستفز مشاعرها وتكسر قلبها وتدمر كيانها.. انتهت صديقتي من الفضفضة وقالت: هذا ياصديقتي باختصار ملخص حياتي البائسة مع شريك الحياة الذي يراه المقربون أنه الرجل المثالي وأني الزوجة المحظوظة بزوج مثله.. قلت لها: لاعليك ياصديقتي كنت أعتقد أنك السعيدة المدللة لاتعتقدي أن هذه قصتك وحدك فهناك الآلاف من القصص المشابهة الدالة على صبر المرأة وتغاضيها وحكمتها وحبها وتضحيتها حتى وإن كانت تعيسة فلديها قلب تقاسمه مع من تُحب لترى سعادته في قمة تعاستها.. قبل الوداع: هذه كلمات للمواساة.. إليك يانصف المجتمع .. "المرأة القوية ليست ناقصة كي يكملها الرجل، ولا عورة ليسترها، بل هي من تلد نصف المجتمع وتربي النصف الآخر". بقلم : فاطمة الجباري