بقلم | د. علي عبدالله آل مريد أشحذُ مداد قلمي واستجدي خطاه لأكتب وصف رجلا أتهيب فكرة الحديث عنه فضلا عن الكتابة ذاتها، وذلك كوني لا أستطع منحه حقه ومستحقه، في يوم الجمعة الموافق السادس والعشرين من شهر صفر لعام (1441ه) توفي عمي الغالي محمد بن مفلح بن فايز بن محمد ال مريد -رحمه الله- وكان وقع الخبر مؤلما، زفرات، ولهيب لايطفئها سوى الاسترجاع، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده إلى أجل مسمى. رحل الشيخ المهاب في حضوره وغيابه، فقدنا رجلا فريدا في مواقفه وأخلاقه وكما قال ابن زيدون: فقدناك فقدان السحابة لم يزل لها أثر يثني به السهل والوعر مساعيك حلي الليالي مرصع وذكرك في أردان أيامها عطر
مذ توفيت والدتي في سنواتي الأولى، وحبه لي يتزايد عبر السنين، كما وأنه -رحمه الله- قام على تربية أولاده على حب الصلاة، وكان حريصا عليها، وهادئا في أدائها قارئا لكتاب ربه. لن ينسى مسجد البلدية في طريب نداء الأذان بخامة صوتك المنفرد، وكم كنت -رحمك الله- قائما بالمسؤلية الاجتماعية تجاه أبناء محافظة طريب والحضور في مناسباتهم ومشاركتهم أفراحهم، والمساعدة في تقديم الخدمات لمحافظة طريب أمام المسؤولين. رحمك الله فلقد كان لحضورك هيبة، فكم كنا نتسابق عند قدومك لزيارتنا والسلام على الوالد حتى نحظى بسبق تلبية ما تحتاج محبة وإجلالا لك.. يالها من أيام جميلة تلاطفنا وتقص علينا قصص الأولين والآخرين، ولعل قصيدة الشاعر محمد المهادي من القصائد التي كان يطربني سماعها وتحديدًا عبر صوتك الفريد.. والتي من أبياتها:
الأجواد وإن قاربتها ما تملها والأنذال وإن قاربتها عفت ما بها
الأجواد وإن قالوا حديثا وفو به والأنذال منطوق الحكايا كذابها
الأجواد مثل العد من ورده ارتوى والأنذال لا تسقى ولا ينسقى بها
الأجواد تجعل نيلها دون عرضها والأنذال تجعل نيلها في رقابها
الأجواد مثل الزمل للشيل يرتكي والأنذال مثل الحشو كثير الرغا بها
رحمك الله يا عم، رحمة واسعة، وتبقى شهادتنا فيك مجروحة، و لجموع المصلين والمشيعين والمعزين من القريب والبعيد شهادة لك بالخير وهم يعيدون شريط ذكرياتهم معك. ثمة أرواح كريمة وافرة العطاء تمطر من حولنا بالحب والسعادة تلك هي روحك، لقد غادرتنا ولكن لم يزل مكانكم بالقلوب والأرواح. أصابه المرض وحاول تحديه والصبر عليه ولكن الله ابتلاه ليرفع درجته ويغفر ذنبه إن شاء الله حتى فاضت الروح لخالقها. وماذا عسى قلمي أن يكتب لأختصر سنوات من الكتابة عن والد الجميع ولكن عزائي في فقده موت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم البشرية. اللهم تغمده برحمتك وافسح له في قبره واجبرنا بفراقه واجمعنا به ووالدينا في مستقر رحمتك.