اغلب مراحل تاريخ طريب خلال الخمسمائة عام الأخيرة اندثرت واختفت معلوماتها وأخبارها بوفاة أجيال الكبار الذين كانوا يعرفون ادق تفاصيله ويومياته وينقلونها شفاهةً لمن بعدهم مثبتة بالأماكن والأدب الشعري الشعبي ثم بسبب تدني مستوى من أتى بعدهم وعدم اهتمامهم بفكر وتاريخ القدماء مما جعل المجال حالياً متاح للتحريف والإستغلال وكلٍ بحسب اهدافه، ولم يظهر حتى اللحظة فيما أعلم من لديه الحيادية التامة والعزم لغرض الإستقصاء والبحث والتوثيق عبر تلك القرون الماضية استناداً إلى معطيات مقنعة تشمل ادوار الجميع من الذين تعاقبوا على استيطان هذا الوادي الذي وصل تأثيره لأبعد من حدوده. يهم ابناءنا والأجيال القادمة معرفة آثار طريب ومسميات اوديته وموارده المائية وقُراه وأحياءه العتيقة وشعابه وجباله التي بدأ التغيير والتزوير يعبث بها. وليس أصعب من أن تفقد هويتك وجزء منك بتفريط وتجاهل. ولا يدرك تأثير وعواقب تدمير الحقائق والتاريخ والتراث مع تقادم الزمن إلا من يرى مناطق أخرى في بلادنا وما كتب عنها وكيف يحافظ ابناءها على تراثها وتاريخها وربط حاضرها بماضيها. وقد يقول قائل ولماذا لا تفعل أنت، والجواب لست متخصص ولا أمتلك المقدرة على ذلك.
في عنيزة قرية قديمة اسمها العوشزية تحولت الى مركز رسمي يتبع للمحافظة، لم يفكر اهلها بتغيير هذا الأسم الجميل الى مسمى حديث رنان، وأعتقد لو كان هذا المركز بمكان آخر لربما غيروه إلى مركز القمر، وبالمناسبة الكثير يسمع بمقولة (الله يرحم مزنة)، ومزنة من العوشزية وحكايتها حدثت هناك حتى اصبحت تاريخ وبطولة وتراث يرتبط بالمكان وسكانه.
حي آل عرفان بطريب مثلاً احتفظ بهذا المسمى خلال قرنين من الزمن الأخيرة على الأقل وفي لحظة تطوير هائلة وضع الإسم في قفص المهملات وأخترع اسم عالمي جديد هو (الصفا). أما أسماء الشوارع بطريب فبعضها جيد وغريب. إن تغيير حقائق الماضي في أي مكان بالدنيا دليل إهتزاز وعدم ثقة وهزيمة داخلية أو طمس متعمد.