كل مخلوق سيفنى ولا يبقى إلا الله الخالق الحي الذي لايموت، لكن السؤال الكبير الذي طالما غفلنا أو تغافلنا عن جوابه وما يزال قائما لكل حي. ماذا قدمنا لحياتنا ؟. حياتنا الباقية!. عندما يموت أحد الأشخاص من عامة الناس فيحزن عليه أقاربه وأصحابه فهذا أمر دارج ولا غرابه !. وسوف يحزنون أياما أو أسابيع وإن طالت المدة أشهرا ثم ينسونه !. لكن عندما تفقد الأمة رجل بذل حياته في الدعوة إلى الله فهنا يلزمك أن تقف، لتعيش لحظات خبر رحيله لكي تعرف الفرق بينه وبين من فقده أهله وأصحابه فحسب !. وحديثي ليس عن شخص مجهول، بل عن رجل لا تكاد دولة ولا مدينة إلا وقد دخلها علمه !. نعم إنها الحقيقة ولك أن تقول بأنه لا يوجد بيت في المملكة ولا في الخليج إلا وبداخله ( حصن المسلم ) فضلا من الله ونعمة، يمن بها الله على من يشاء من عباده، وإنما يتقبل الله من المتقين، ونحسب الشيخ كذلك والله حسيبه. نعم ؛ الشيخ قد لا يعرفه الكثير من المسلمين لكنهم يعرفون حصن المسلم وهذا هو الاهم ، لأن الشيخ رحمه الله لم يكن مشهوراً في الإعلام وليس من اهتماماته فقد كان مشتغلاً بالعلم حتى فارق الدنيا. وإن مما ينبغي ذكره في الأسطر ، وفاءً وشكرا وعرفانا، إن الشيخ سعيد بن علي بن وهف رحمه الله كان له فضل على الأمة بما قدم من علم ومؤلفات تجاوزت ( ١٣٠ ) وكان سببا في بناء مساجد كثيرة واوقافا ، نسأل الله أن يتقبل منه، وله علينا في طريب فضل كبير فقد حرص على بناء الجامع الكبير بالسوق ومغسلة الأموات، بالاضافة لسيارات الإسعاف. وكم كان لهذا العمل من فائدة عظيمة عمت طريب وما جاورها، سواء بإقامة الدروس العلمية والمحاضرات وحلق القرآن الكريم وغيرها في الجامع ، و ما تقدمه مغسلة الأموات من خدمة جليلة يعلمها الجميع ، فقد تجاوز عدد الجنائز التي تم تجهيزها في طريب أكثر من ( ٤٠٠ ) جنازة حسب آخر الإحصاءات ولك إن تتخيل لو لم تكن هذه المغسلة في طريب كم كان هناك من المشقة. أقول كما قال الأول : لعَمْرُكَ ما الرزّية فقدُ مال ولا فرسٌ تمُوتُ ولا بعيرُ ••• ولكّنَّ الرزيَّةَ فقدُ حر يمُوتُ بمَوته خَلْقٌ كثيرُ وكما قيل : اذا ما مات ذو علم وتقوى فقد ثلمت من الاسلام ثلمة لا نستطيع أن نفي الشيخ حقه نظير ما أسدى إلينا في طريب، من أعمال جليلة وخاصة دعمه المنقطع النظير لمكتب الدعوة والأنشطة الدعوية عامة فقد كان يذهب هنا وهناك ويراجع بعض الجهات المعنية ويقابل الوزير ونائبه والمسؤولين من أجل تسهيل كل ما يتعلق بالدعوة، فنقول من أعماق قلوبنا : جزاك الله خيراً على ما قدمت، وجعل أعمالك في ميزان حسناتك، وغفر لك وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة. إنا لله وإنا إليه راجعون .